للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصرين الشيخ محمَّد بن عثيمين -رحمه الله-: "وفي قوله -تعالى- {إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ} {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ} دليل على أن الشمس هي التي تتحرك وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب خلافًا لما يقوله الناس اليوم من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة، فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلابدليل بيّن، فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فحينئذ يجب أن نؤول الآيات إلى المعنى المطابق للواقع، فنقول: إذا طلعت في رأي العين، وتزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين، أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع أن الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور وبدورانها يختلف الليل والنهار فإننا لا نقبل هذا أبدًا"، إلى أن قال: "ولكن لو تيقنا يقينًا أن الشمس ثابتة في مكانها وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به" (١).

والتأويل الذي ذهب إليه الشيخ عند ثبوت النظرية الحديثة يستفاد من سياق الآيات؛ لأن أهل العلم يحملون القرآن على ظاهره، وقد يأتي في الآية أو في آيات أخرى ما يجعل له احتمال معنى آخر، وهذا هو الظاهر الاصطلاحي عند الأصوليين، وكما في مختصر الروضة: "الكلام: نص وظاهر ومجمل" ووجه انحصار الكلام في ذلك "هو أن اللفظ إما أن يحتمل معنى واحدًا فقط، أو يحتمل أكثر من معنى واحد، والأول النص، والثاني: إما أن يترجح في أحد معنييه أو معانيه، وهو الظاهر، أو لا يترجح، وهو المجمل" (٢).

و"النص" في اصطلاح الفقهاء والأصوليين هو الصريح في معناه؛ أي: كونه خالص الدلالة عليه، لا يشوبه احتمالُ دلالة على غيره، وحكمه ألا يُترك إلا بنسخ (٣).


(١) تفسير القرآن الكريم (سورة الكهف)، محمَّد العثيمين ص ٣٢ - ٣٣.
(٢) شرح مختصر الروضة، الطوفي ١/ ٥٥٣، بتحقيق د. عبد الله التركي، وانظر: المستصفى، الغزالي ٣/ ٣٧.
(٣) انظر: المرجع السابق ١/ ٥٥٤، وانظر: الجامع لمسائل أصول الفقه .. ، د. عبد الكريم النملة ص ١٩١، وله أيضًا: المهذب في علم أصول الفقه المقارن ٣/ ١١٩٣، إرشاد الفحول، الشوكاني ص ٢٩١، المستصفى، الغزالي ٣/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>