للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديانات والعبادات والطقوس وتطورها، وأخيرًا يشدد على أن النهاية الحتمية لجميع الأشياء هي الفناء والعدم ولا أمل لكائن بعدها بشيء، إنه من السديم إلى السديم يعود" (١)، والنظرة العلمية لا مكان فيها للاعتراف بالغيبيات حتى ولو كان الخالق سبحانه فلا مكان له، وهذا "لابلاس" يقول: "الله فرضية لا حاجة لي بها في نظامي"، وهذا "نيتشه" يعلن موت الإله، وأن الله الذي مات في أوروبا بدأ يحتضر في بقية العالم مع التقدم العلمي (٢).

ينعدم إمكانية النقاش الفكري مع مثل هذا الهذيان، ومع مثل هذه المادية الفجة، ولكن يبقى التأكيد على أهمية التفريق بين "الرؤية المادية" وبين "الرؤية العلمية"، فالرؤية العلمية تبقى عند الظواهر، ولكن عندما تتجاوز ذلك إلى إنكار العلل والغايات فهي تتحول إلى "رؤية مادية ملحدة"، وقد وقع بعض العلماء في ذلك، حيث تجاوزوا ميدانهم إلى ميدان ليس من تخصصهم، فجعلوا ما لم يدل عليه العلم غير علمي حتى الغيبيات، ومثل هذا لا يعد تعارضا مع الدين، المعارض للدين هو ما يثبتون وجوده ويثبتون في الوقت نفسه أنه يعارض الدين، وهذا الذي لم يقل به عقلاء العلماء -وهو الذي ينفي وجوده أهل الإِسلام- فهناك طائفة مهمة من العلماء يرون ضحالة الرؤية المادية، كما أن هناك تيارات فكرية وفلسفية تعادي هذه الرؤية المادية، أما أهل الدين الحق فهم ينظرون فيما يثبت من العلم فلم يجدوا شيئًا في العلم يعارض الدين معارضة معتبرة.

ومن النوع الثاني، حول آدم -عليه السلام-، فيقول: "جاء في القرآن مثلًا أن الله خلق آدم من طين، ثم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس، مما دعا الله إلى طرده من الجنة. هل تشكل هذه القصة أسطورة أم لا؟ إلى أن قال: "إن كانت هذه القصة القرآنية صادقة صدقًا تامًا وتنطبق على واقع الكون وتاريخه "إنها كلام منزل" لابد من القول إنها تتناقض تناقضًا صريحًا مع كل معارفنا العلمية، ولا مهرب عندئذ من الاستنتاج بأن العلم الحديث على ضلال في هذه القصة" (٣).


(١) انظر: نقد الفكر الديني ص ١٨ - ١٩.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٩.
(٣) نقد الفكر الديني ص ٢٥ - ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>