للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه العجائب وهي لا تنقضي مع هؤلاء، فإن له في المقابل كشوفًا علميةً مهمة كان لها أثرها في حل مشاكل في علم الفلك والفيزياء الكونية.

- اكتشافه ثلاثة قوانين وبروز مفهوم القانون الطبيعي:

وأهم ما قدمه للفلك اكتشافه لثلاثة قوانين عن حركة الأجرام السماوية (١)، وربك أعلم بعباده حيث قال سبحانه: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)} [الروم: ٧]، حيث استطاع بعدد قليل من القوانين تفسير كثير من حركات الأجرام السماوية، وهذه ميزة منهجية للقانون أو القاعدة أو الأصل في أنها جملة صغيرة تفسر عددًا كثيرًا من الجزئيات، والوصول لمثل هذا العمل ليس سهلًا، ويندر في تاريخ البشرية من يكتشف مثل هذه القوانين والقواعد والأصول وما في بابها. إلا أنه سيصبح لمفهوم القانون أثر كبير في بناء النظريات العلمية الحديثة والعلم الحديث، ونظرية "كوبرنيكوس" عندما صاغها "كبلر" في قوانين نجح في إقناع الفلكيين بها، وفي فرضها على العلم رغم ما سيحدث لها من تحسينات مع اللاحقين إلا أن التحسين ليس مثل الإبداع.

وبقدر فائدة القوانين للتطور العلمي، إلا أن هناك خللًا ما صاحب ازدهار مفهوم القوانين لاسيّما مع عالم أوروبا في القرن الحادي عشر/ السابع عشر "إسحاق نيوتن"، وحاصل هذا الخلل: أنه عن طريق مذاهب علمانية سادت في أوروبا تمّ الاستعاضة بفكرة القانون عن الإيمان الحقيقي الكامل بربوبية الرب سبحانه وتقديره لكل شيء، فهؤلاء عندما استنتجوا الحوادث من أسبابها، والتغيرات من عللها، اكتفوا بها (٢)، وصاغوها في قوانين، وقطعوا النظر في تدبير الله سبحانه لهذا الكون وتصريفه له وإمساكه للسماوات والأرض وتسخيره للمسخرات، فمنهم من يرى أن الله قد أوجد هذا الكون بقوانينه، وتركه بعد ذلك، وهذا غالبٌ على الربوبيين، ومنهم من لا يبحث عما خلف هذه القوانين بحجة أنها قضايا ميتافيزيقية ماورائية أسطورية غيبية دينية على اختلاف في تعليلاتهم، وهذا غالب على الملاحدة الخلص. وهناك في المقابل من رأى بأن


(١) انظر عرضًا مبسطًا لها في: الطريق إلى المريخ، سعد شعبان ص ٣١.
(٢) انظر نموذجًا من الاستثمار المادي لفكرة القوانين: موجز تاريخ الفلسفة، مجموعة كتاب سوفييت ص ١٤٩ - ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>