إثبات هذه القوانين يعدّ انتقاصًا لقدرة الله سبحانه ولربوبيّته فمن هذا المنطلق كذب بها مطلقًا.
ودين الله الحق المنزل من السماء وسط في ذلك قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة: ١٤٣]، فالكون كله مدبر لله سبحانه مسخر له، يصرّفه سبحانه كيف شاء، وهو سبحانه قد وضع في الكون أسبابًا ومسبباتها وعللًا ومعلولاتها كما ورد في كثير من النصوص، ولذا فمذهب أهل السنة عدم إنكار الأسباب، ولا يقال: يفعل عندها أو معها وإنما بها، فهي مؤثرة، والسبب والمسبب من خلق الله سبحانه ولا يخرج عن تقديره سبحانه. فما ثبت صحته من هذه القوانين، وهو ناتج عن التأمل في علاقة عوالم الكون الكبرى والصغرى، فلا يخرج عن هذه القاعدة، وما كشف من التأمل في هذه العلاقات ما هو إلا مما وضعه الله سبحانه من تأثير بعض عوالم الكون في أخرى، وسيأتي لهذه النقطة مزيد بحث في فصل قادم بإذن الله، وما كانت هذه الوقفة إلا من أجل تتبع الصور المنهجية أو النمطية التي ترسّخت مع أول نظرية علمية ظهرت في العصر الحديث.
- دخول الأجهزة الحديثة في مضمار العلم وأثرها في تقدمه:
من الأمور شبه المتفق عليها بأن للأدوات التي اكتشفها المسلمون ونقلت إلى الغرب أثرًا مهمًّا في مساعدة علماء الغرب في تطوير علومهم، كما أن للأرقام العربية التي يُعبر بها عن أثر المسلمين في تطور علم الحساب وأثر تطويرهم لعمل الصفر، ومن ثمّ أثرها في ترويض العلوم؛ أي: جعل أغلب العلوم ذات صورة رياضية دقيقة، دورها المهم في تطور العلم.
وقد بني علماء أوروبا على المنقول إليهم مع سعيهم الحثيث لمواصلة تطويرها، ووجدوا بأن العلم المعتمد على المنهج التجريبي في حاجة إلى أجهزة، وأن نتائجه في حاجة لعلوم الحساب، وهما مما قد سبق للمسلمين فيهما شق الطريق.
لقد كانت مشكلة رؤية البعيد أو الصغير أو المختفي أمرًا يعيق أيّ تطور علمي حقيقي، فمن البعيد الأجرام السماوية، ومن الصغير الكائنات المجهرية، ومن المخفي أعضاء جسم الإنسان الداخلية أو ما في جوف الأرض وما في حكمها.