للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آنًا آخر، من قبل "كلاب حراسة" الأيديولوجيا الرجعية والمحافظة في أوروبا أولًا، ثم في العالم" (١). فانظر إلى هذا العمى الأيدلوجي والتبعية العجيبة كيف تقود صاحبها إلى الدفاع عن نظرية خطيرة في بعدها الديني والأخلاقي، ومع ذلك يدافع عنها وكأنه يدافع عن وحي من السماء لا عن نظرية أطلقها ملحد ورعتها مجموعة من اليهود، حتى ذلك النصراني "يونغ" الذي احتواه، لم يستطع التواصل معه ومع مجموعته، فتركهم (٢) ليؤسس نظرية تخفف البعد الإلحادي والتفسير الجنسي عند فرويد.

المثال الثالث:

من أخطر عمليات التأثر نقل نظريات فرويد إلى مجال الإسلام ذاته من قبل من يظن أنه يحسن عملًا للإسلام، ويريد بيان سبق الإسلام إلى مثل هذه المفاهيم، لو كان النقل إلى ميدان علم النفس باللغة العربية لبقي في الأمر متسع من النقاش، لكن أن يرتقي بتلك النظرية الإلحادية في جوهرها لتطبق على الإسلام فهذا من الغلو في التأثر، وقد أطلق عليها أحد الباحثين المميزين في مجال علم النفس بعملية الإسقاط (٣)، إسقاط الإسلام على مفاهيم علم النفس الفرويدي، وذكر لذلك نموذجين: نموذج محسوب على أهل السنة، وآخر محسوب على الشيعة.

فالباحث الأول هو "عزت الطويل" الذي حاول الربط بين القرآن الكريم ونظرية فرويد، وهو يريد بذلك التوفيق بين الإسلام وعلم النفس، وقد رد عليه عالم النفس المشهور "مالك البدري" (٤). وأما الباحث الثاني الشيعي فهو "محمود البستاني" في كتابه: "دراسات في علم النفس الإسلامي"، حيث يحاول التوفيق بين مقولات لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبين نظرية فرويد (٥).


(١) انظر: مقدمة "جورج طرابيشي" لكتاب فرويد (مستقبل وهم) ص ٥.
(٢) انظر: الفصل الثاني من الباب الأول من هذا البحث.
(٣) هو الأستاذ الدكتور "فؤاد أبو حطب" في بحثه (نحو وجهة إسلامية لعلم النفس)، في كتاب "أبحاث ندوة علم النفس" للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ص ١٧٣.
(٤) انظر: المرجع السابق ص ١٧٣ - ١٧٤.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ١٨٤ - ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>