للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقولات والفرضيات التي تودها (١)، بما يوحي عن عجز حتى في توسيع دائرة بحثهم لأكثر من مفكر أو مذهب واكتفائهم بعالم اجتماعي واحد.

هذا الاعتراف بالتبعية للمدارس الاجتماعية الغربية، ربما هو شعور بالأزمة، وربما هو من آثار اليقظة التي أحدثها بعض المفكرين الإسلاميين، مما جعل المغرقين في التبعية يبحثون أزمتهم ويعون بها, ولا شك في أهمية هذا الوعي لولا أن بدائلهم لا تتفق وهوية الأمة ومكانها، وقد رصد الباحث الإسلامي "محمد أمزيان" أزمتهم واغترابهم وحاول استخلاص أسبابها من اعترافاتهم وكتاباتهم ومن ذلك: ولادة علم الاجتماع برعاية استعمارية فكان من الطبيعي خضوع هذا العلم للتوجيه الاستعماري، قابل ذلك جهل المنخرطين فيه بذاتهم وهوياتهم وإن كان ذلك لا يطول مع التأثير السلبي للرواد المتغربين الذي أخضعوا البحوث الاجتماعية لما تأثروا به في أثناء دراستهم في الجامعات الغربية (٢).

أخطر صور التغرّب عند المتغربين الاجتماعيين هي في استبعاد الإسلام والوحي كمصدر للمعرفة، فالدين عندهم يدرس وفق قوالب لمجموعة من الملحدين والعلمانيين أو المستشرقين وتعتبر قوالبهم هي المصدر، ويُدلَّس على الناس بكونها علمية مع أنها لا علاقة لها بالعلم، وفي ذلك يقول أحدهم: "ولا يخفى أن العالم الاجتماعي لا يستطيع أن يسلم بالوحي والرسل في نظرياته لسببين:

١ - لأن هذا الحل يوحي به الكسل إلينا، ونستطيع أن نفسر به كل ما في الكون، بدون أن نتقدم قيد شعرة في معرفة أسراره وقوانينه.

٢ - لأن بعض الديانات تخلو من الوحي والرسل، كديانة الطوطم مثلًا" (٣).

وليس الغريب وجود من لا يُسلم بالوحي والرسل، ولكن العجيب ما


(١) هو "حيدر إبراهيم"، المرجع السابق ص ٥٠.
(٢) انظر: منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، محمد أمزيان ص ٢٠٤ - ٢٠٧، وانظر: الفكر العربي في معركة النهضة، د. أنور عبد الملك ص ٦٩ وما بعدها.
(٣) نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني .. ، د. يوسف شلحت ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>