للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أن مصطلح "وظيفة" قد اكتسب مضامينه من التطور الحاصل في العلوم البيولوجية، ولاسيّما في الربع الأخير من القرن التاسع عشر من خلال التمييز بين "الأعضاء والأدوات والوظائف" من جهة، "وكيفية اشتغال كل منها وعلاقة بعضها ببعض من جهة ثانية"، بحيث تقوم كل أداة بوظيفة غايتها المحافظة على توازن الجسم.

وقد نُقل هذا التصور إلى المجتمع بافتراض تشابهه مع الكائن العضوي، فعرض إمكانية دراسة المجتمع المكون من أجزاء مختلفة وتحليله، ودور هذه الأجزاء داخل الكل (١).

وقد كانت "النظرية التطورية" هي الأسبق في الظهور والأكثر شهرة في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر، ثم أعقبها ظهور "الوظيفية"، ولهذا كانت الدراسات المتعلقة بالدين في المرحلة الأولى من علم الاجتماع خاصة بأصل الدين ونشأته وتطوره، ومع بروز "الوظيفية" تحول البحث الاجتماعي إلى دراسة وظيفة الدين، "ويكاد يكون التصور الوظيفي مختلفًا عن دراسات المنظرين الأوائل الذين اهتموا بأصل الدين بحسب كلام الهرماسي، لذلك قلَّت اهتمامات المنظرين الأوائل بدور الدين في المجتمع بخلاف الدراسات الحديثة التي ركزت على وظيفية الدين إلى حد إهمال الجوانب اللاوظيفية" (٢)، وهذا أيضًا ما يقوله اجتماعي آخر من خلوّ الدراسات الأولى عن الدين من الاهتمام بدوره في المجتمع، واعتبر "دوركايم" أول من ركز على الوظيفية الاجتماعية للدين (٣). أما الدكتور "حسين رشوان" فيضع تاريخًا هو ١٩٤٠ م لتركيز البحوث والدراسات "على وظائف الدين. وأصبحت النظرة إلى الدين ليس على أساس صِدْقه أو زيفه؛ وإنما على أساس أنه ظاهرة اجتماعية" (٤).

ويذكر الاجتماعي "حيدر علي" بأن الدراسات الغربية في علم اجتماع


(١) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية ٢/ ١٥٦٨ - ١٥٦٩.
(٢) انظر: الدين في المجتمع العربي (علم الاجتماع الديني. . . .)، عبد الباقي الهرماسي ص ١٩.
(٣) هو "حيدر علي" في بحثه: (الأسس الاجتماعية للظاهرة الدينية ..) ضمن كتاب "الدين في المجتمع العربي" ص ٣٦.
(٤) انظر: الدين والمجتمع .. ص ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>