لا ينفع صاحبه في الآخرة، وهذا الجانب لا يهتم به هؤلاء النخبة من العلماء وكأنهم لا ينتمون إلى الإِسلام أو يعرفونه.
انساق الاجتماعيون العرب خلف الغربيين عندما درسوا الكنيسة ووظائفها وأدوارها وطقوسها وأسرارها وأدخنتها والعشاء والصلب واللباس وغيرها من الأوصاف والوظائف، وهي أمور تمتلئ بها الكنيسة ولا يعرفها الإِسلام ولا يقرّ بها، فيأتي هؤلاء المقلدون باستنساخ ذلك النموذج ليطبقوه على الإِسلام، حتى إن منهم من يسمي المسجد بالكنيسة فلا يكلف نفسه حتى تغيير مصطلح مكان العبادة. ومن المعلوم أن الدين في الغرب أصبح ممثلًا في الكنيسة فقط، وهي جزء مستقل لا علاقة لها ببقية المجتمع، ولا يمكن بحال قياس الإِسلام عليها بما له من شمولية تغطي جميع شؤون المجتمع المسلم.
وينساق الاجتماعيون العرب في تصوير الدين: عقائده وشرائعه وآدابه وكأنها "منتج اجتماعي" هدفه بحسب رؤية "دوركايم" الضبط الاجتماعي، فلا ينظر للعقائد والشرائع إلا في دورها في حفظ توازن المجتمع؛ أي: أن المجتمع -بحسب رؤية دوركايم- أوجد مثل هذه الأصول والعقائد والشرائع لضبط توازنه، وهذا ما جعل أصحاب النظرية "الصراعية" يرون في النظرية "الوظيفية" نظرية تحافظ على الثبات وتمنع التغير والتطور الاجتماعي. وما يهمنا هو تحويل العقائد إلى تصور اجتماعي هدفها فقط حفظ توازن المجتمع وكأنها لا حقيقة لها فوق ذلك.
يتحدث -مثلًا- "الهرماسي" عن أهم وظائف الدين:
١ - التذكير بحياة بعد الموت من شأنه أن يوفر للناس العون والمواساة، ويجعلهم قادرين على تحمل الخيبة والأسى، ويحول دون اليأس ..
٢ - يقدم الدين علاقة علوية عبر العبادة والطقوس، فيوفر قاعدة وجدانية لإعادة الأمن وتمنح الفرد إمكانية التوازن ..
٣ - يعمل الدين على تقديس نظام القيم والمعايير للمجتمع، بحيث يضمن أهداف المجموعة متجاوزًا رغبات الفرد الضيقة، ويضمن الانضباط الجماعي .. (١).
(١) انظر: الدين في المجتمع العربي، بحث: (علم الاجتماع الديني ..)، عبد الباقي الهرماسي ص ١٨.