للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نلاحظ في الأول تعلقه باليوم الآخر، والثاني تعلقه بالإيمان بالله وعبادته، وفي الثالث بباب القيم والشرائع، ولا شك أنها تمنح المؤمن بها والعامل بمقتضاها ما قاله وفوق ذلك، إلا أن نظرة الباحث الاجتماعي لهذه الأصول ليس على أنها عقائد أو دين؛ وإنما على أساس أنها أدوات تقوم بأداء وظائف كما تقوم الأعضاء في جسم الإنسان بوظائفها, ولهذا يتحاشون ذكر المسميات الدينية عن تلك الأصول، فنجده مثلًا ينتقل مباشرة من تلك الوظائف الأساسية إلى وظائف سلبية للدين، وهي غالبًا ما تكون مشتركة عند أغلب من كتب في وظائف الدين السلبية تقليدًا للمدارس الغربية الوظيفية، ومما ذكره:

١ - يقوم الدين بضبط سلوك الشرائح المحرومة، مما يجعله عاملًا محافظًا على الوضع الراهن، فيمنع قوى الاحتجاج من التطور وقدرتها على التغيير، ويكون بهذا أفيون الشعوب ومخدرًا لها بحسب ماركس (١). وسار على هذا المنحى أيضًا "عاطف غضيبات" في أثناء حديثه عن الدين كعائق عن التقدم بما يضفيه من شرعية على الوضع العام (٢).

٢ - قيامها بوضع التقديس على آراء ظرفية ومواقف محلية، مما يجعله مانعًا من التقدم المعرفي؛ لأن المعارف الجديدة ستتعارض مع تلك الأفكار الظرفية التي أُحيطت بالتقديس، كما حصل مثلًا مع جاليلو في مسألة دوران الأرض حول الشمس (٣)، وقد سبق في فصول الباب الأول بأن هذا لم يقع في الإِسلام، ولا يعرف الإِسلام تقديس آراء ظرفية قابلة للتغيير، ولكن نزعة نقل الأحكام المنطبقة على الأديان المبدلة أو المخترعة سائدة عند المتغربين في الحقل الاجتماعي.

٣ - أن الدين يسوّغ التمايز الطبقي، وذلك عبر تسويغه الفقر والغنى.

٤ - أن الدين سوغ الوقوع في الوعي الزائف، فهو يجذب الأفراد بعيدًا عن واقعهم الاجتماعي وظروفهم الموضوعية، ويظهر ذلك في التصوف والدروشة (٤).


(١) انظر: الدين في المجتمع العربي ص ١٩ - ٢٠.
(٢) انظر: المرجع السابق، بحث: (الدين والتغير الاجتماعي ..)، عاطف غضيبات ص ١٤٤ - ١٤٦.
(٣) انظر: المرجع السابق، بحث: (علم الاجتماع الديني. .)، الهرماسي ص ٢٠.
(٤) انظر: الدين في المجتمع العربي، بحث: (الدين والتغير الاجتماعي)، غضيبات ص ١٤٦ - ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>