للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفضه لكلامهم دون حجة أو دليل قدمه، ونقل أيضًا رأي "بيار دوهيم" في كتابه: "مفهوم النظرية الفيزيائية من أفلاطون إلى غاليليو" بأن "المنطق كان بجانب كل من أوزياندر وبلّرمان وأوربانوس الثامن وليس بجانب كبلر وغاليليو، ذلك أن أولئك أدركوا المدى الحقيقي للعلم، أما هؤلاء فقد أسيء فهمهم في هذا الصدد" (١)، وقريبًا من هذا المعنى موقف "هنري بوانكاريه" (٢). وقد اعترض آخرون على الموقف السابق، وتتركز اعتراضاتهم على استثمار مقولة تكافؤ النظريات في التنقيص من موقف جاليليو، ومع ذلك فالمقولة ذاتها ذات مكانة كبيرة في فلسفة العلم المعاصرة (٣).

والمتأمل من خارج دائرة العلم الحديث يدرك بأن مقولة تكافؤ النظريات تخفي في طياتها أمورًا كبيرة، وعلى رأسها الصراع الكبير بين النظريات العلمية ذاتها، فالنظريات المتعارضة يتتابع ظهورها، وبروز النسبية في الحقيقة التي تقولها كل نظرية من النظريات، فهذه وغيرها تدفع بمقولة التكافؤ إلى الواجهة. وإن كان هناك مِنْ درْسٍ لمن هم خارج الإطار العلمي الحديث ومشاكله فهو عدم تقديس النظريات العلمية وادعاء العصمة لها، وكذا عدم الاستعجال في تقديمها على ظواهر النصوص الشرعية، وبالمقابل عدم تنزيل نصوص شرعية على نظريات علمية؛ لأنه في البابين: إن قدمت نظرية فهناك غيرها يكافِئها، وإن نُزّل عليها نص شرعي فعلى أيّة نظرية يُنزّل؟!

ثالثًا: القانون وآلية حركة الكون:

دخلت مفاهيم جديدة مع العلم الجديد أصبحت من مكونات العلم الحديث، وقد سبق أثر "كبلر" عندما وضع ثلاثة قوانين لتفسير حركة الكون وأثر ذلك. وقد تطورت كثيرًا مع "جاليليو"، وأصبحت -معه ومن بعده- سمة مهمة للعلم الحديث، وهي محاولة وضع صياغة رياضية لتفسير الظواهر الطبيعية. فمن خلال التجريب والملاحظة يمكن إدراك بعض مظاهر الطبيعة، ومن خلال


(١) المرجع السابق ص ٧٠ - ٧١.
(٢) انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص ٢٣، وسيأتي توضيح موقف (دوهيم وبوانكاريه) وغيرهما من نقاد العلم في فقرة قادمة.
(٣) انظر: غاليليه أو مستقبل العلم، السابق ص ٦٩ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>