الآلة، فإن تفاعل الذرات أو الجسيمات يؤدي إلى إحداث الظواهر الطبيعية المختلفة. لاقت الفلسفة الآلية معارضة من خلال مذهب الغائية. والنظرية الغائية تُفسِرُ الظواهر الطبيعية في إطار الغاية أو الهدف. فعلى سبيل المثال لو طرحنا على هاتين الفلسفتين هذا السؤال: لماذا تتجه النار إلى أعلى؟ فسوف نتلقى إجابتين مختلفتين. الفلسفة الآلية ستجيب عن ذلك، بأن الذرات أو الجسيمات التي تُشعل النار تتصادم وبالتالي تتدافع إلى أعلى وفقًا لقانون التصادم، أما الفلسفة الغائية فستكون إجابتها: أن النار تندلع إلى أعلى سعيًا وراء مكانها الطبيعي بعيدًا عن الأرض. وخلال القرن السابع عشر الميلادي طَوَّر كل من توماس هوبز وجون لوك في إنجلترا، ورينيه ديكارت في فرنسا فلسفة النظرية الآلية كرد فعل مضاد للنظرية الغائية، وخلال تلك الفترة أصبحت النظرية الآلية جزءًا مهمًا من الثورة الصناعية، إلا أنه مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي، أدرك علماء الطبيعة الآلية أن الفلسفة الآلية قاصرة عن تفسير الظواهر الطبيعية مثل الكهرباء والمغنطيسية. وهكذا فإن النظرية الآلية التي تقوم أصلًا على تفسير كل عناصر الطبيعة في إطار قانون الحركة لم تعد مقبولة [الموسوعة، ١٧/ ٤٦٠، جميل، ١/ ٢٧، معجم مصطلحات المنطق وفلسفة العلوم، ص ٢٧].
٢١ - الليبرالية فلسفة اقتصادية وسياسية تؤكد على الحرية والمساواة وإتاحة الفُرص. وفي المقابل، فإن الفلسفة التي تُدعى المذهب المحافظ تؤكد على النظام والتقليد وحيازة الملكية الخاصة. وعلى وجه العموم يرحب الليبراليون بتغيير اجتماعي أكثر سرعة مما يفعل المحافظون. وتعتبر الليبرالية مصطلحًا غامضًا لأن معناها وتأكيداتها تبدَّلت بصورة ملحوظة بمرور السنين. الليبرالية اليوم: تعرَّضت الليبرالية في القرن العشرين لتغيُّر ذي دلالة في توكيداتها. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ العديد من الليبراليين يفكرون في شروط حريَّة انتهاز الفرص أكثر من التفكير في شروط التحرُّر من هذا القيد أو ذاك. وانتهوا إلى أن دور الحكومة ضروري، على الأقل من أجل توفير الشروط التي يمكن فيها للأفراد أن يحققوا قدراتهم بوصفهم بشرًا. وبحبِّذ الليبراليون اليوم التنظيم النشط من قبل الحكومة للاقتصاد من أجل صالح المنفعة العامة. وفي الواقع، فإنهم يؤيدون برامج الحكومة لتوفير ضمان اقتصادي، وللتخفيف من معاناة الإنسان. وهذه البرامج تتضمَّن: التأمين ضد البطالة، وقوانين الحد الأدنى من الأجور، ومعاشات كبار السن، والتأمين الصحي. ويؤمن الليبراليون المعاصرون بإعطاء الأهمية الأولى لحرية الفرد. غير أنهم يتمسكون بأن على الحكومة أن تزيل بشكل فعال العقبات التي تواجه التمتُّع بتلك الحرية. واليوم، يطلق على أولئك الذين يؤيدون الأفكار الليبرالية القديمة المحافظون (٢١/ ٢٤٣، الموسوعة الميسرة، ٢/ ١١٣٥).