للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأساس النظرية الآلية بأنه متى وجدت الحركة لأي جسم فستبقى هذه الحركة مستمرة ما لم يُعقها عائق، وهو أحد القوانين التي كشفها جاليليو وأخذ به نيوتن فيما بعد، فهذا القلب ينبض باستمرار دون توقف، وهذه الرئة، وكذا كثيرٌ من حركات الأعضاء غير الإرادية، وهذا في الأجسام الصغيرة، ومثلها الأجسام الكبيرة وغيرها، فمتى تحركت فهي تبقى في حركتها.

وبحسب رأي جاليليو: فإن الحركة متى وجدت استمرت دون افتقار إلى علّة (١)، وهذا ما أخذه بعد ذلك نيوتن وجعله أول قوانين الحركة الثلاثة "فكل جسم ساكن، أو في حركة منتظمة على خط مستقيم يظل كذلك ما لم تؤثر فيه قوة من الخارج تجبره على تغيير حالته.

وتفسير ذلك، أنه لو وجد جسم سماوي يتحرك حركة منتظمة فإنه يظل في حركته إذا لم تطرأ عليه آية مؤثرات خارجية. ومثال ذلك الكواكب والتوابع التي حولها. والأقمار الصناعية التي نطلقها في الفضاء، تظل تدور لأنها لا تلقى مقاومة" (٢).

وسأترك الحديث عن مفهوم "الآلية - الميكانيكية" إلى موضع الحديث عن آخر أعلام الثورة العلمية وهو نيوتن، ويكفي هنا ربط هذه المفاهيم الجديدة بالنظرية الجديدة من جهة، وبالثورة العلمية الجديدة من جهة أخرى.

فالقول بالآلية أول ما ظهر في علم الفلك لتفسير حركة الأفلاك دون البحث عن علل خارجية لتفسير تلك الحركة. فمع القول بأن الأصل في الجسم استمراره في الحركة إذا لم يوجد عائق فإنهم لا يبحثون عن السبب الذي كان الأصل في الحركة، وهل هي حركة مستقلة أم أن استمرارها محفوظ بسبب خارجي عنها!

رابعًا: التقدم العلمي والمنهج الجديد:

لقد كانت بصمات جاليليو على العلم واضحة، وهناك من يجعله أعظم مؤسسي العلم الحديث، فما أهم معالم تلك البصمات؟


(١) تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم ص ٢٣.
(٢) الطريق إلى المريخ، م. سعد شعبان ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>