الطاقة لتعمل أياما كثيرة، وهو في الوقت نفسه مارد خطير فيكفي إخراجه من مخبئه الذي خلقه الله فيه حتى يصبح مرعبًا ومخيفًا بما في ذلك الاستخدامات السلمية، والأعجب من ذلك صعوبة إعادته إلى حالته الوادعة المسالمة مما يدفع بالدول المنتجة له إلى دفنه في بلاد فقيرة دون علم أهلها ليلوث ترابهم وماءهم ومزروعاتهم سنين عديدة. أما كان هذا الجرام كافيًا لإيقاظ القلوب الميتة الهاربة من الله ومن الإيمان به لتعود إليه؟! وهذا وهو نموذج من بين نماذج أكثر دهشة وعجبًا، ومما يؤسف له ونتعجب منه بأن مثل هذا النقاش كان الأضعف حضورًا في الفكر المعاصر، وجزء منه تحول إلى الدفاع عن مبادئ الفلسفات المثالية المدافعة عن عالم الروح والمطلق والحرية لكن بعبارات تزيد من جفاف القلب وعطشه علاوة على الرعب الذي يعيشه.
التفت الفكر الغربي المعاصر إلى هذه الأزمة وبدلًا من العودة للحل الصحيح القائم على الإيمان بالله سبحانه، ترك ذلك إلى بدائل لا تسمن ولا تغني من جوع، وانصرف أهله إلى دعوى إنقاذ الإنسان من طغيان العلم ومصائبه، وتبخرت الأحلام الوردية المعقودة بالعلم بعد أن رأوا ثمرة من ثماره تبتلع مدنًا بأهلها في غمضة عين دون تفريق بين كبير أو صغير أو حيوان وإنسان، وما تبع ذلك من سباق محموم يُوظف العلم فيما يدمر حياة الإنسان.
كانت عقيدة الوضعية في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر قائمة على أن العلم مسالم وأن بيديه سعادة البشرية، وما على البشر سوى الانهماك في العلم، وأما الدين والأخلاق فهي نتاج أوضاع اجتماعية سابقة على ميلاد العلم، جاءت بسبب جهل الإنسان، وما عاد في حاجة إلى ذلك مع العلم، فجاء الجواب سريعًا في أول القرن العشرين (١٤ هـ)، حيث كان نصفه الأول حروبًا لا مثيل لها، وكان بطلها وموجهها هو العلم باكتشافاته المذهلة، أليس من ثماره الدبابة والصاروخ والطائرة؟! أليس من ثماره السفينة الحربية والغواصة؟! أليس من ثماره القنبلة العادية والنووية والهيدروجينية؟! أليس من ثماره الجراثيم القاتلة والغازات السامة والأسلحة الكيمياوية والبيولوجية؟! والقائمة في ذلك طويلة.
أليست معادلة صغيرة فيزيائية (ط=ك ث ٢) (ESMC ٢) (١) كانت وراء أخطر
(١) (ط) هي الطاقة (الحرارية والضوئية) التي سنحصل عليها، وإذا أردنا أن نعرف مقدارها =