للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلاح في العصر الحديث! وبدأ التساؤل: أين ما كانت الوضعية تبشرنا به؟ وفتح التساؤل الباب على مصراعيه أمام أزمة كبيرة طحنت أوروبا والغرب في النصف الأول من القرن العشرين (١٤ هـ). واتجه الفكر إلى إنشاء مذاهب تخفف من جفاف العلم وقسوته وتتمرد عليه، وربما هذا مما يفسر نجاح المذاهب الروحية والمثالية والوجودية في هذه المرحلة.

ومما تكشفه هذه الأوضاع بأن العلم له حدوده، فهو لا يخرج عن كونه نشاطًا بشريًا يفتح الله به على قوم فيبدعون فيه، لكنه لا يصل إلى درجة قيادة البشرية إلى سعادتها، ولذا فهو كغيره من النشاطات البشرية في حاجة إلى قيمة أعلى، تهذب أهدافه، وتُقوِّم اعوجاجه، وتصحح مساره، وتنقذ الناس من شروره عند وجود من يوقد نارها.

كانت هذه هي الصدمة الثانية، فالأولى أن العلم لا يستطيع إعطاء حقائق مطلقة، وأنه في حاجة إلى تعديل مساره وتصحيح أخطائه أو تغييرها، وما هو علم اليوم قد يصبح غدًا في أحد المتاحف الموجودة هنا أو هناك كشيء من التراث، وأما الثانية فإنه يحمل في طياته أسباب الدمار كما يحمل أسباب السعادة؛ وذلك أنه نشاط بشري قابل للتوظيف في الجهتين، وهنا تظهر حاجة العلم إلى قيمة أعلى تضبط مساره، بعد أن رأينا كيف وظف في الشرور، وجانب السعادة فيه بقي محتكرًا على عالم الأقوياء ويُحرم منه الضعفاء، وأصبح النافع منه خاصًا بجلب السعادة والثراء لأهله فقط، وفي هذه الدنيا فقط ويحرم منه الآخرون إلا بالقدر الذي يريده أهله، فاختفت بهذا الأحلام الوضعية المرتبطة بمستقبل العلم.


= من المادة المطلوبة، فإنها تكون بأخذ جرام واحد مثلًا وهو (ك) الكتلة ونضربه في مربع سرعة الضوء (ث ٢) لنحصل على مقدار الطاقة. فإذا عرفنا أن سرعة الضوء هي (٣٠٠ ألف كلم في الثانية) فعليك أن تتخيل المقدار الكبير من جرام واحد فضلًا عن عشرة أو أكثر. فنجد مثلًا مقدار الطاقة الموجودة في نواة ذرة يورانيوم واحدة = ٢٢٠.٠٠٠.٠٠٠.٠٠٠ ألكترون فولت، وعند إنشطار نواة ذرة اليورانيوم يتحرر من طاقتها المختزنة ١، ٠ % فقط؛ أي: جزء لا يكاد يذكر، ولكنه مهول للغاية، ويتضح بمقارنته بالطاقة التي نحصل عليها من حرق كمية مماثلة من الوقود الكيميائي، فنجد أنه من نفس كمية اليورانيوم نحصل على طاقة تزيد بمليون ضعف ما نحصل عليه من الوقود الكيمائي، فسبحان الخالق. انظر: الموسوعة العربية العالمية ٢٥/ ٢١٨ - ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>