للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمواجهة المثالية وهذا على المستوى الفكري، والتعاون مع ممثلي العلوم الطبيعية المعاصرة من أجل التعميم للاكتشافات الجديدة في علوم الطبيعة لما يخدم مبادئهم ويحقق مهمتهم، وهذا علة المستوى العلمي، وتطوير الديالكتيك على أساس المعطيات الجديدة للعلم -وكلامه هنا بعد الثورة الجديدة في الفيزياء- ليصل إلى المهمة الكبرى وهي "الدعاية الإلحادية" لمواجهة المثالية والبرجوازية واللاهوت" (١)، ويعقب أصحاب "الموجز" بالتالي: "تشكل الدعاية الإلحادية المنسجمة، والنضال ضد الآيدلوجية الغيبية، إحدى المهمات الملحة للمادية المقاتلة. وقد أشار لينين بهذه المناسبة، إلى ضرورة استخدام مؤلفات أواخر القرن الثامن عشر الإلحادية، بما فيها من حماس وحيوية وبراعة، في النضال ضد الأيدلوجية اللاهوتية" (٢)، وهم عادة عندما يجدون مخالفهم داعيًا للإلحاد يدعمونه وإن خالفهم في تفاصيل المنهج، وقد سبق إلى مثل هذا العمل قدوة لينين وهو إنجلز، ففي أثناء حديثه عن "بوخنر" الداروني والمادي الملحد ومع ذلك لم يعجب به إنجلز ويراه ممثلًا للمادية المبتذلة، ولكن "بوخنر" يقوم بنشاط مهم في نشر الإلحاد تحت مظلّة العلمية الدارونية فيقول إنجلز: "بالإمكان أن ندعهم وشأنهم، منشغلين بعملهم -غير السيئ رغم محدوديته الضيقة- نشر الإلحاد في الأوساط الألمانية غير المثقفة،. . . ." (٣)، فإذا وجد من ينشر الإلحاد فيمكن التغاضي عنه وإن لم يكن على المقاس الماركسي.

ولكن تبقى شوكة في حلوقهم وهي ميل أغلب العلماء نحو المثالية والدين وإنكار أغلب هؤلاء العلماء لتوسيع دائرة العلوم المادية لتشمل الحياة والنفس الإنسانية والروح ودعوتهم لإبقاء العلم في ميدانه المعهود. عندها ينبري التيار المادي لإزالة آثار هذه الشوكة، إما بتوجيه أقوال هؤلاء العلماء ونتائج أعمالهم نحو المادية وتأويلها بما يتلاءم مع مذهبهم أو الاكتفاء بمدح هؤلاء العلماء بما قدموه من خدمات للمذهب المادي وذمّهم على عدم تحويل نشاطهم العلمي إلى أهواء الماديين، ومن بين الأمثلة على ذلك موقفهم من علماء الثورة العلمية الأوائل وكذا موقفهم من الأحداث الجديدة مع الثورة المعاصرة في الفيزياء وغيرها.


(١) انظر: موجز تاريخ الفلسفة السابق ص ٦١٦ بتصرف.
(٢) المرجع السابق ص ٦١٦.
(٣) ديالكتيك الطبيعة، فريدريك إنجلس ص ١٩٣، ترجمة توفيق سلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>