للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتداد الحرب في وقت كان يمكنه أن يشارك في تخفيف ويلاتها فيساعد المحتاجين، إلا أنه في هذه المرحلة قصر معالجته على مرضى من إنكلترا والولايات المتحدة؛ لأنهم يستطيعون تسديد رسوم العلاج بعملة لا تعاني من التضخم (١)، ثم هرب بعدها تاركًا خلفه بعض أهله، منهم من مات في المعسكرات النازية. أما هو فتوجه إلى لندن وبقي فيها إلى أن اشتد مرضه بسبب السرطان، فطلب من طبيبه الشخصي أن يساعده قائلًا: "الآن أصبح الأمر لا شيء إلا عذاب ولم يعد له معنى" فحقنه عدّة جرعات من المورفين حتى مات (٢).

ونتيجة هذا المبحث أو السبب، بأن مفكري اليهود وعلماءهم في العصر الحديث لاسيّما في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر وما بعده قد مارسوا دورًا سيئًا في مسيرة العلم، وانحرفوا بنظرياته نحو تحطيم الدين والقيم مستهدفين في ذلك المجتمع الأوروبي في البداية الذي أقصاهم فترة طويلة من الزمن وقد حان الانتقام من ذلك الإقصاء.

وهذا النموذج يغنينا عن النظر في نموذجين كبيرين آخرين قام بهما يهوديان آخران هما "ماركس" و"دوركايم"، على أن بعض أعمالهما ستأتي في مباحث أخرى، مما يكشف أننا أمام عمل يهودي قوي ومنظم في القرنين الأخيرين في جميع الميادين، ومنها ميدان العلم والنظريات العلمية (٣).

وبموقف اليهود يصل هذا الفصل إلى نهايته، توقفت مع مجموعة من


(١) انظر: المرجع السابق ص ١٨١.
(٢) انظر: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص ٢١٤ وقد عرض المؤلف نهايته المظلمة بشماتة.
(٣) أخرج اليهود كُتبًا عن المشكلة اليهودية لمعالجة وضعهم المعاصر، منها كتاب فرويد (موسى والتوحيد)، وكتاب ماركس وإنجلز عن المشكلة اليهودية، وهناك سارتر -من أم يهودية- بكتابه "تأملات في المشكلة اليهودية" عام (١٩٤٦ م) وقت الحديث عن تقسيم دولة فلسطين، فذكر "سارتر" التهم الموجهة لليهود ودافع عنها، يقول: "إن اليهود متهمون بثلاث تهم كبرى، هي عبادة الذهب، وتعرية الجسم البشري، ونشر العقلانية المضادة للإلهام الديني"، ويقول: إنها صحيحة، ثم بدأ يقدم لها المعاذير: فأما عبادة الذهب؛ فهو قوتهم الوحيدة مع الاضطهاد والتشريد، وأما تعرية الجسد؛ فلإزالة التهمة حول قبح =

<<  <  ج: ص:  >  >>