قديم مُمثل في الأزهر، وموقف جديد على هامشه، ولكنه الأكثر شعبية عند الجيل الجديد، فتشكل موقفان:
أ- موقف محافظ في الأزهر، اكتفى بالمنع، ولم ينتبه لمشكلات المجتمع الذي يغرق في شبهات الأفكار الوافدة دون أن يسعى لكشفها وبيان حقيقتها.
ب- موقف مدرسة "الأفغاني وعبده"، حيث واجه أصحابه مشكلات المجتمع وسعوا لتخفيف آثار الشبهات على عقول المثقفين، ولكن الوسيلة المستخدمة كانت ضعيفة؛ لأنها تخفي في طياتها إعلان الاستسلام أمام الشبهات والعبور فوقها بواسطة جسر التأويل، بينما القوة الحقيقية تتمثل في البعد عن منهج التأويل الذي هو بمعنى العدول عن المعنى الظاهر إلى معنى غير ظاهر لقرينة ما، وإثبات الحقائق كما هي، فالحق إذا ثبت فلا حاجة إلى تأويل؛ لأن التأويل إنما هو لمعالجة التعارض والحقائق لا تتعارض.
الطريق الثالث:
جاءت بوادر طريق ثالث يحاول معالجة مشكلة العلاقة بالأفكار والعلوم الجديدة ويسعى لإنشاء مؤسسات علمية تخدم ذلك، تمثل في أول القرن الرابع عشر الهجري مع أصحاب المنهج السلفي، وهم وإن كانوا موجودين قبل هذه المرحلة، إلا أن موطن شهرتهم لم يحتك بهذه المشكلات، فلم يبرز لنا موقفه منها في القرن الثاني عشر والثالث عشر الهجري، بينما لم يوجد شخصيات علمية سلفية مشهورة في مناطق الاحتكاك بالحضارة الغربية.
بدأ الاتجاه السلفي يظهر في بلدان الاحتكاك بالحضارة الغربية نهاية القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر الهجري، وقد كان لدعوة الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" أثرها، كما كان لإخراج كتب شيخ الإِسلام "ابن تيمية" آثار كبيرة على نفوس وعقول نخبة من أهل العلم في العلم الإِسلامي، برز منهم مجموعة في مناطق الاحتكاك فكانوا أصحاب موقف جديد في التعامل مع الوافد الغربي، ظهر ذلك في أعلام من أمثال الشيخ "جمال الدين القاسمي" في الشام والشيخ "الألوسي" من العراق والشيخ "محمد رشيد رضا" في مصر في المرحلة الأخيرة من حياته، وغيرهم ممن تأثر بهم وسار في ركبهم.
وقد اجتهد هؤلاء العلماء في نشر العلم الشرعي والدعوة للإصلاح الإِسلامي، كما أن لبعضهم جهوده في مناصحة الأزهر ودعوته للإصلاح، كما