للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن الحال أحسن في الولايات الأكثر استقرارًا، مثل مصر في ظل حكم محمد علي وأبنائه، فقد كان لطول حكمه وتعاونه مع الغرب وتحالفه معهم، ثم نجاحه في توريث الحكم في أبنائه، كان لكل ذلك أثرٌ كبيرٌ في الاستقرار، ومن ثم إمكاننا رؤية عملية التحديث دون انقطاع ورؤية آثارها. ومع ذلك فلم يكن الحال بأحسن في نظام التعليم الحديث فيها؛ إذ سيطر الأجانب على إدارته والتدريس فيه ووضع المناهج واستثماره بما يخدم مصالحهم، وبما أنه خدم طائفة النصارى أكثر من غيرهم، فإننا نجد ثناءً كبيرًا من قبل الكتاب النصارى على دور محمد علي وأبنائه باستثناء عباس باشا الأول (١)، وهذا ما لم يكن يوافق عليه قادة الفكر الإِسلامي المشهورون في تلك البلاد كالأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، إذ انتقدوا بشدة ذلك التعليم (٢).

كان التعليم في ولاية مصر يخضع في الغالب لإدارة "ديوان المدارس" الذي أنشئ في سنة (١٨٣٦ م) وناظره الأول "مصطفى مختار" وأعضاء الديوان هم: "كلوت بك" مدير مدرسة الطب، والكولونيل "كياني بك"، و"يعقوب أرتين بك" مدير مدرسة الإدارة، و"أسطفان أفندي" مدرسة الإدارة، "فاران" مدير مدرسة الفرسان، "هيكيكان" مدرسة المهندسخانة، "رفاعة الطهطاوي" مدير مدرسة الألسن، "بيومي أفندي" مدرسة المهندسخانة، "لامبير" مدير مدرسة المناجم، "هامون" مدير مدرسة الطب البيطري، "دورول" سكرتيرًا، وكان أربعة منهم أدخلوا الديوان بطلب الوالي "مختار وأرتين وأسطفان ورفاعة"، ويبدو -بحسب كتاب أنور- أن فكرة الديوان ترجع إلى تأثير كل من "السيمونيين" و"المبتعثين العائدين من أوروبا" (٣)، وقد كان "كلوت بك" (٤) الدينمو الأساسي


(١) تختلف الآراء حول "عباس" هل كان معيقًا لمسيرة التعليم أو معيقًا للتغريب، ولا شك أنه أعاق التغريب ولكن ماذا فعل للتعليم؟ انظر مثلًا: الانحرافات العقدية والعلمية. . . .، علي الزهراني ص ١٨٧، وانظر: نهضة مصر. . . .، د. أنور عبد الملك ص ١٦١.
(٢) سبقت شواهد في الفقرة السابقة.
(٣) انظر: (حول الديوان) نهضة مصر. . . .، د. أنور عبد الملك ص ١٥٥ - ١٥٦، والنص السابق باختصارٍ منه، وانظر: نشوء الشرق. . . .، مالكولم ص ١٥١، وانظر: الانحرافات العقدية والعلمية. . . .، الزهراني ص ١٧٧.
(٤) انظر حول دوره: تراجم مشاهير الشرق. . . .، جرجي زيدان ٢/ ٧، وانظر: المرجع السابق، نهضة مصر ص ١٦٠ حاشية رقم (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>