للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرج منها الطالب ليلتحق بحلق العلم وقليل من يفعل ذلك، بينما الدولة الحديثة تريد الجيش العصري والأطباء والمهندسين والإداريين والصناع وغيرهم، وكان النموذج المقترح لذلك هو المدرسة الأجنبية، ولاسيّما أن خريجيها هم من يتولى المناصب العليا في دولة محمد علي وبنيه، فأُخِذَت نموذجًا يُحتذى مع تعديلات لم تؤثر في جوهرها، وبتعبير -ربما يكون صحيحًا- لأصحاب التقرير الأمريكي عن التربية في الشرق الأوسط "ولذا جاز لنا القول: إن التقدم التعليمي في العالم العربي يدل على الانسلاخ من الماضي والاتجاه إلى ناحية جديدة" (١)، وكان ذلك عبر تأسيس المدارس الحديثة المغايرة للمدارس القديمة، وذكروا أن من العوامل التي دفعت إلى هذا الاتجاه "تأثير الأجانب من أفراد وجماعات، في الشرق الأدنى والعالم العربي. فمجلس التعليم الأول الذي أنشأ في سنة (١٨٣٧ م)، كان يتألف برمته إما من أعضاء أجانب من موظفي الحكومة المصرية، أو من طلبة مصريين ممن تلقوا علومهم من الخارج، لاسيّما فرنسا. وعقب ذلك تعيين مفتش أجنبي ظل في وظيفته زهاء العشرين عامًا، وبعد الاحتلال البريطاني قام البريطانيون بدور هام في وضع السياسات التعليمية إلى سنة (١٩٢٢ م)، أما في غير مصر من الأقطار العربية، وعلى الأخص سوريا ولبنان وفلسطين، فقد سبقت مدارس الرسالات الأجنبية، أية مدارس منظمة حديثة حكومية أنشأها الأتراك. وقد أصبحت هذه المدارس بطبيعة الحال نموذجًا تنسج على منواله المدارس الحكومية والأهلية بعد ذلك" (٢). وكذا كان النظام العثماني الذي تأسس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر متأثرًا بالطابع الغربي، ولما دخل الانتداب -الاحتلال- إلى سوريا ولبنان وفلسطين، أصبحت اليد العليا في رسم خطط التعليم للبريطانيين والفرنسيين، ثم بعدها في العراق (١٩١٥ م) وضعت بريطانيا أساس النظام التعليمي في العراق (٣).

لو كان التعليم الأجنبي داخل الأقليات الدينية فقط في ظل حقوقهم لما كان هناك إشكال، ولكن التعليم الأجنبي الموجه أولًا للأقليات الدينية أصبح هو


(١) انظر: التربية في الشرق الأوسط العربي ص ٧٠٣.
(٢) المرجع السابق ص ٧٠٣.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٧٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>