للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إظهار فسادها ونقصها ولا كونها محسوبة عند كثير من أكبر علماء عصرنا سخيفة وخالية من الدليل إلى أن قال: "وأن أُظهر لقراء جريدتكم إقرار دارون نفسهِ بكونهِ لا يؤمن بالوحي، شافعًا ذلك بشهادة بعض العلماء الأفاضل على أن المذهب الداروني خالٍ من الثبت العلمي" (١)، ثم استطرد في بيان إنكاره للوحي بقول داروين: "أما من جهتي فأنا لا أعتقد بأنه هبط وحي على الإطلاق" (٢)، ثم ذكر شهادات علماء ذلك العصر ضدّ داروين (٣)، ورد على من قال: إن هناك الكثير أيده من أهل الدين بأنه قد عُرض مذهب دارون العلمي على "المجمع السنوي لكنيسة المشيخة في أمريكا، "فأجمع أهل ذلك المجمع على رفضه بصوت واحد وهم خمس مائة من القسوس والأساتيذ والكتاب وطلبة العلم وغيرهم، ولم يكن منهم من يؤيده. ولا يؤخذ من ذلك أنهم لا يحبون العلم الصحيح، ولا أنهم يخافون أن يناقض العلمُ الكتاب المقدس؛ لأنه لا ريب في أنهم من أوّل الناس في إباحة الأبحاث العلمية والاعتراف بتقدم هذا العصر. ." (٤).

وجاء جواب صاحب الخطبة على "جيمس" ببيان قصده من كلمته وطريقة تعامله مع طلابه، ومما قاله: "أما من جهة الذين قرؤوا العلم عليّ من شبان المشرق، وتفرقوا في جهات سورية ومصر كلها فلا حاجة بي أن أزيد على ما قلتهُ في خطبتي كلمةً واحدة لإيضاح مرادي، إذ كلهم يعلمون أني عندما أبحث في أعمال الله وأجد أن إله الطبيعة هو إله الوحي، أشعر في نفسي كمن هبط عليه الوحي. وأن أعظم سروري هو البحث في عجائب الطبيعة وجمالها بقصد معرفة الدلائل على أن الله إله الوحي حاضر وعامل فيها. وكلهم يعرفون أن تعليمي لهم إنما لخصته في هذه العبارة من خطبتي وهي: "ليكن كل ما يزيدنا معرفة وعلمًا آية آتية من الله عن طريق أعماله كما أتتنا آيات أقواله عن طريق وحيه. الله واحد، وهو المهبط الوحي والخالق الطبيعة، أيناقض قوله عمله -أيخشى من عمله على قوله. ولعلّ حضرة المنتقد الشهير لا ينكر ذلك، ولكن


(١) مجلة المقتطف ٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) المرجع السابق ٧/ ٢٣٤.
(٣) المرجع السابق ٧/ ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٤) المرجع السابق ٧/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>