للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عرضت "مجلة الجامعة" في السياق نفسه مقالات عن ابن رشد تؤكد فيها الرؤية العامة حول موقف الإِسلام من العلم، الرؤية المصنوعة في معاهد الاستشراق والاستعمار والتيارات الوضعية والمادية العلمانية التي تريد إقناع المسلمين أن دينهم عدو للعلم والمدنية، وأنه لا حل لهم إلا بإبعاد الإِسلام عن شؤون حياتهم، فكانت المقالة عن ابن رشد تخدم هذه الفكرة (١)، تنبه لها البعض وعرض ذلك على الشيخ محمَّد عبده فوضع ردًا عرضته المجلة تحت عنوان "رد إمام جليل" (٢)، وجاءت مناقشة له في عدد آخر (٣).

ومما ذكره "فرح أنطون" في هذا الباب "أن تمكن العلم والفلسفة من التغلب على الاضطهاد المسيحي في أوروبا وعدم تمكنها من التغلب على الاضطهاد الإِسلامي دليل واقعي على أن النصرانية كانت أكثر تسامحًا مع الفلسفة" (٤)، فقد لمح الشيخ "محمد عبده" ما يخفيه هذا النص وغيره ورد برده المهم آنذاك، وانتفع الناس بذلك كثيرًا، وقد رصدت مجلة المنار عددًا كبيرًا من الردود التي استفادت من كلام الشيخ محمَّد عبده وأيدته وشكرته، يقول "محمَّد رشيد رضا": "لقد كان لنشره من التأثير في عالم العلم والدين، ما لم نره لكلام أحد من الكاتبين، طارت به اغتباطًا قلوب المسلمين، ولم يبخسه حقه فضلاء المسيحيين" (٥). وختم كلامه بأن فرح أنطون توقف بعد ذلك بمدّة عن إصدار مجلته، ليؤلف كتابًا في فلسفة ابن رشد للرد على الشيخ محمَّد عبده، ولكن ذلك الكتاب لم يحظ بقبول بعد النقد الذي قامت به مجلته (٦).


(١) مقالته عن ابن راشد، مجلة الجامعة، السنة الثالثة (١٣٢٠ هـ -١٩٠٢ م)، العدد الثامن ص ٥١٧.
(٢) انظر: المرجع السابق، العدد التاسع ص ٦٢٦.
(٣) انظر: المرجع السابق، العدد الثاني ص ٥١.
(٤) الإِسلام دين العلم والمدنية، الشيخ محمَّد عبده ص ١٨٥، وانظر: زعماء الإصلاح في العصر الحديث، أحمد أمين ص ٣٣٢.
(٥) المرجع السابق، الإِسلام دين العلم. . . . ص ٢٢١، وللأسف فإن عداء المحقق (د. عاطف العراقي) للفكر الإِسلامي جعله في تحقيقه للكتاب يتكلم عن كل شيء إلا عن دور الشيخ "محمَّد رشيد رضا" الذي أخرج هذا الكتاب، وما جهد العراقي إلا تطويله بمقدمات لا جديد فيها يستحق الذكر.
(٦) انظر: الإِسلام دين العلم والمدنية ص ٢٢٢ - ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>