للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين وصور "أمة العرب التي أنجبت مئات الألوف من رجال العلوم والفنون والآداب، والذين علموا أوروبا وهذبوها، في وحشية وقسوة تعادل وحشية الفرس الوثنيين قبل الميلاد بخمسة قرون، فصدقنا هذا وآمنا به وتعلمناه وحفظناه وأدينا فيه امتحانات" (١)، وهكذا تُمارس عملية غسل دماغ مركزة على الطلاب.

ويمكن أن نلمس عمق هذا العمل وخطورته في شهادة لرجل -هيكل- كان من كبار حركة التغريب وزعيم فكري لا خلاف حوله عند التغريبيين، فبعد أن انسحب منهم قال في شهادة لا تنقصها الصراحة: "إن وزارة المعارف تخضع اليوم وأمس وستخضع غدًا وبعد غد إلى أن يتاح لها النصر السياسي إلى السياسة التي كانت تخضع لها أيام أن كان "دنلوب" مستشارًا لها مع فوارق عدد المدارس وعدد الأساتذة، إن سياسة التعليم في وزارة المعارف ستظل اليوم وغدًا كما كانت بالأمس وقبل الأمس خاضعة للسياسة الغربية والحضارة الغربية"، إلى أن قال: وهذه "الحضارة استعمارية عدوة للعلم على خط مستقيم، وهي كذلك حيثما ذهبت حاربت العلم وحاولت حصره في طبقة ضيقة، وفي حدود ضيقة لتتخذ من هذه الطبقة بطانة لها تروج الاستعمار"، إلى أن قال: "وكذلك وضعت يدها على وزارات المعارف حيثما ذهبت، وعملت دائبة على إفساد هذه المقومات النفسية والخلقية والقومية مكتفية بطائفة من المعلومات العلمية التي تحتاج إليها أداة الحكم" (٢).

وهي شهادة خطيرة ممن عاصر الاستعمار، وكان أداة من أكبر أدوات التغريب، فهي تكشف عمق التغلغل للانحراف في مؤسسة التعليم التي صنعها الاستعمار وتحديات استقلالها، والأخطر من ذلك هو كشفه لزعمٍ يردده المتغربون، فيرد عليهم، وهو الذي كان منهم بأنها وإن كانت مؤسسة علمية فقد كانت ضدّ العلم (٣)، مؤسسة تستغل ستار العلم لتُبعد الأمة عن دينها، وتقتل في تلك المؤسسات روح الطلاب وهويتهم الإِسلامية، وحتى في العلوم الدنيوية التي


(١) انظر: المرجع السابق موسوعة الجندي ٦/ ٣٢٢ مع الاختصار.
(٢) موسوعة الجندي (التبشير والاستشراق والدعوات الهدامة) ٥/ ٨٩ - ٩٠.
(٣) ذكرت جريدة "اللواء" في تلك المرحلة بأن (دنلوب هو أقوى آلة وضعها اللورد كرومر لتعطيل التعليم في مصر وأكبر مقاوم لرقي البلاد في باب المعارف. . . .). عن موسوعة الجندي (المجتمع الإِسلامي) ٦/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>