للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز لأحد الكلام فيه بغير ما أنزل الله في كتبه وعلى ألسنة -أنبيائه صلوات الله عليهم أجمعين- نصًا ومعنى، ونحن على يقين مما جاء نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن ربه - عز وجل - وسَنَّه لأمته من حكمته، فالذي جاء به القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، شفاء ورحمة للمؤمنين، آتاه الله الحكم والنبوة فكان ذلك يُتلى في بيوته قال الله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] يريد: القرآن والسنة، ولسنا على يقين مما يدَّعيه اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل؛ لأن الله قد أخبرنا في كتابه عنهم أنهم يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. فكيف يؤمَّن من خان الله وكذب عليه وجحد واستكبر؟ قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت: ٥١] وقد اكتفينا -والحمد لله- بما أنزل الله على نبينا - صلى الله عليه وسلم - من القرآن وما سَنَّه - عليه السلام -".

ثم توقف مع علم اللسان وفائدته في معرفة "علم الدين الذي هو أرفع العلوم وأعلاها، به يُطاع الله ويُعبَد وُيشكر ويُحمد، فمن عَلِمَ من القرآن ما به الحاجة إليه وعرف من السنة ما يعوِّل عليه ووقف من مذاهب الفقهاء على ما نزعوا به وانتزعوه من كتاب ربهم وسنة نبيهم حصل على علم الديانة، وكان على أمّة نبيه مؤتمنًا حق الأمانة إذا أبقى الله فيما علمه، ولم تمل به دنيا شهوته أو هوى يرديه، فهذا عندنا العلم الأعلى الذي نحظى به في الآخرة والأولى".

وبعد إعادة صياغة مفهوم العلم الديني ووضعه في مكانه يأتي إلى العلوم البشرية، فيذكر أهمها وأشهرها، مع بيان الموقف منها الذي هو الموقف في كل حين، وهنا تظهر نظرة العالم المسلم إلى العلوم من حوله وتقييمها من خلال الإسلام، وقد اصطُلح على تسمية هذا الموقف في الدراسات المعاصرة بالتأصيل الإسلامي للمعرفة، فقال: "والعلم الأوسط هو معرفة علوم الدنيا التي يكون معرفة الشيء منها بمعرفة نظيره، وُيستدل عليه بجنسه ونوعه كعلم الطب والهندسة.

وهذا التقسيم في العلوم كذلك هو عند أهل الفلسفة (١)، إلا أن العلم


(١) انظر أيضًا حول هذا التقسيم مع نقد مختصر: الفتاوى، ابن تيمية ٩/ ١٢٥ - ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>