للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل هو قائم على دليل قطعي أم على دليل تجريبي ظني، فإذا تحقق مثل هذا وغيره، عند ذلك نبحث عن المعالجة (١).

٥ - ليس من مقاصد الشريعة بيان عالم المخلوقات على طرائق العلوم:

"فالشريعة المحمدية بل وسائر الشرائع إنما يقصد منها بيان ما يرشد الخلق إلى معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وربوبيته وإلى كيفية عبادته وأداء شكره، وإلى الأحكام التي توصلهم إلى انتظام المعاش وحسن المعاد.

أما تعريف الخلق بمباحث العلوم الكونية من كيفية خلق العالم، وما هي النواميس القائمة في السموات أو في الأرض وأمثال ذلك، فليس شيء من نحو هذا من مقاصد الشرائع، بل هذه المباحث هي معارف تتوصل الناس إليها بعقولهم، فربما ينتفعون بها في دنياهم وربما يكون حظهم فيها مجرد الاطلاع. . . . نعم قد تذكر الشريعة شيئًا منها مجملًا على قدر ما يكون له دخل في مقاصدها الأصلية" (٢).

وفي هذا تنبيه لطيف من الشيخ -وقد سبقه إلى ذلك علماء- إلى الانتباه لمقصد النصوص الشرعية إن ورد فيها شيء من أبواب العلوم، فليس المقصد أن تتحول إلى كتاب في الرياضيات أو الفيزياء أو الفلك، فهذه قد تركها الرب سبحانه لتحصيل البشر ونشاطهم العقلي، وما يُذكر فيه من نصوص لها دلالة بهذه العلوم فمقصدها الأساسي ديني. ومما يستفاد من الكلام السابق أن الانشغال بإيجاد تفسيرات علمية للنصوص الشرعية والغلو في ذلك يخالف مقاصد النصوص ذاتها، كما أن ادعاء المتأثرين بالشبهات -المرتبطة بالتطورات العلمية- ربما كان منبعها أنهم نظروا في النصوص وفهموها بحسب ما تمليه الفلسفات المرتبطة بحركة العلم الحديث، فحكّموا فيها النشاط البشري، فوقعوا في حيرة، بينما النص لم يكن من مقصده كما هو الظاهر من كلام طائفة من أهل العلم أن يكون نصًا في هذه العلوم مباشرة (٣).


(١) انظر: الحصون الحميدية .. ص ١٥١ - ١٥٣ ما بين المعقوفتين إضافة من الباحث.
(٢) انظر: الحصون الحميدية ص ١٥٣.
(٣) انظر حول هذا الموضوع البحث القيم: التفسير العلمي للقرآن في الميزان، أحمد أبو حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>