للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريبه إلى الأذهان حدث رفع جبل الطور بما كشفه العلماء المحدثون من قانون الجاذبية الذي هو أقرب تفسير علمي لحركة الكواكب والنجوم، فالله الخالق لهذا الناموس قادر على خلق مثله يرتفع به جبل الطور، فإنّ حمل هذه الكواكب الضخمة في هذا الفراغ أعظم من رفع جبل (١). وتقريب حدث ظهور الدم في الماء ضمن الآيات التي جعلها الله سبحانه لموسى -عليه السلام- مع فرعون وقومه بما كشفه العلماء المحدثون من حيوانات مجهرية، ربما هي تحولت إلى دم بأمر الله سبحانه، وهكذا (٢). مع تنبيه الشيخ إلى أن المؤمن بالله سبحانه وبكمال قدرته يُسلّم بكل ما جاء به الوحي من هذه الآيات، ولكن الكلام مع من أثّرت فيهم الشبهات، فيريد تقريب ما استغربته عقولهم واشتبهت فيه بأمثلة جاء بها العلم، وهو نفسه الذي يعتمدون عليه في الإنكار.

أما الثاني في باب الرد فيكتفي الشيخ أن ما جاؤوا به مسائل ظنية، ولا يجوز تقديم الظني على ظاهر النصوص (٣).

وأما الثالث: في باب التوفيق -وهو الأكثر حضورًا في مشروع الشيخ-، فهو يشعر بثقة الناس في العلوم الحديثة ثقة عمياء، وأن من سيكذبها لابد أن يثبت بطلانها بدليل منها، وليس بدليل خارج عنها، فالقوم لا يقبلون أن يُرد عليها مثلًا بأقوال لعلماء في الشريعة، ولكن أيضًا لا يوجد في المسلمين من عنده قدرة على إثبات بطلان ما يُشتَبه فيه من هذه العلوم من داخلها، فلا يوجد لدينا علماء كبار في هذه العلوم يستطيعون مجاراة أهلها، فيردون عليها إن كانت خاطئة. وبما أن الشيخ لا يستطيع إثبات بطلانها من دائرتها الخاصة فما بقي له إلا وضعها في دائرة الاحتمال، على طريقة: إن كانت صحيحة فالجواب كذا وكذا، مع أن الأولى البقاء مع ظاهر النص، هكذا يردد الشيخ.

أكثر ما نجده في هذا الباب هو ما له صلة بعلم الفلك ونظريته الحديثة، فإن القرآن الكريم يتحدث كثيرًا عن هذا الباب، وهو باب ظهرت له علوم مستقلة


(١) انظر: المرجع السابق ص ٦٠ - ٦١.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٦.
(٣) من ذلك مثلًا موقفه من النظرية الدارونية ولاسيّما في مسألة وجود آدم -عليه السلام-. انظر: المرجع السابق ص ١٧٨ - ١٨٠، وهي أوسع في الرسالة الحميدية، فهي غالب القسم الرابع (الإيمان والعلم)، ولاسيّما ص ٢٢٨ - ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>