للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الفكر الحديث، وقد ظهر فيها مسائل كثيرة استغلها "الماديون" في التكذيب بالدين ووقعت من نفوس الكثير موقعًا خطيرًا، ولذا جاء دور العلماء في ردّها وبيان الحق فيها بحيث لا يُترك أي طريق لأهل الشُبه.

ولست هنا في موضع التقويم لاجتهادات الشيخ، وإنما المقصود اكتشاف أول صورة متكاملة لعرض المشكلة وطريقة المعالجة، والتوقف مع المنهج فقط.

فمن ذلك قوله -تعالى-: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [فصلت: ١٢]، حيث ذكر أن من أهل العلم من قال إنها مركوزة في السماء، بينما نجد في العلوم الحديثة أنها في فضاء متماسكة بقانون الجاذبية، فيقول: إن ذلك "جائز عقلًا داخل تحت تصرف قدرة الله تعالى، ويكون ذلك الناموس من جملة الأسباب العادية التي وضعها الله في الأكوان، فإذا قام لنا الدليل العقلي القاطع على قيام تلك الكواكب في الفضاء كما يقولون: نتأول النص الذي ظاهره أن الكواكب مركوزة في السماء وهو قوله -تعالى-: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} بأنه من المحتمل أن يكون مراده تعالى بكونها زينة، أنها زينتها بحسب مرأى الرائين وإن كانت تحتها- كما قال بذلك جملة من علماء الإِسلام. . . ." (١). وكما سبق فليس المقصود الوقوف مع ما ذُكر من تفسير للآية، فقد يكون التفسير الراجح مما لا علاقة له بما ورد من مسألة القول بأنها مركوزة، وإنما المقصود بيان المنهج، والأمثلة التي حاول الشيخ معالجتها.

ومن الأمثلة أيضًا: هل السماء مرئية كما هو ظاهر النص، أم هي غير مرئية كما هو السائد في العلوم الحديثة، على أن الماديين منهم ينكرونها. والسبع الأراضين على افتراض صحة الأثر المنسوب لابن عباس - رضي الله عنه - بوجود سبع أراضين، فهل هي سبع؟ أم أن المقصود سبع طبقات أو قارات على قول مفسرين؟، وبهذا يرتفع التعارض المتوهم مع العلوم الحديثة. والمثال الأكثر طرافة هو حول "كروية الأرض"، ففي قوله -تعالى-: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)} [النازعات: ٣٠]، فهناك من قال إن المعنى أنها مبسوطة غير كروية، حيث ذكر أن مذهب جمهور العلماء على أنها مبسوطة، وقال بعضهم إنها كروية (٢)،


(١) الحصون الحميدية ص ١٥٨.
(٢) انظر: الحصون الحميدية ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>