للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما قال: "وأما قول هؤلاء الفلكيين: إن الأرض كرة فبعد إقامتهم لنا الدليل العقلي القاطع الدالّ على كرويتها لا مانع لنا من القول به، ويمكن تأويل النص الذي ظاهره أنها مبسوطة، كقوله -تعالى-: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)} بأن جعل سطحها صالحًا للسكنى. . . ." (١)، مع أن الأخير هو تفسير السلف، وهو ما يوضحه السياق حيث ذكر الرب سبحانه بعدها قوله: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١)} [النازعات: ٣١] (٢)، وهنا يظهر ثقل التركة "الكلامية - الصوفية" على الشيخ حتى في الأمور البينة، وهذا ما أخذه عليه تلميذه الشيخ "محمد رشيد رضا" كما سبق.

وتوقف الشيخ في بعض المواضع حول مسألة حركة الشمس، فظاهر النصوص أن الشمس هي التي تدور حول الأرض بخلاف النظرية الفلكية الحديثة، فهل هناك تعارض؟ وأجاب عن ذلك جوابه (٣)، وقريبًا من ذلك جوابه عن غروب الشمس في عينٍ حمئة (٤). لقد حاول جمع كل ما له علاقة بالنظرية الفلكية الحديثة وأجاب عنها بجواب إجمالي (٥) لا يخرج عن القواعد التي قد أصلها.

ملحوظات حول مشروع الشيخ الجسر:

سبق بعض الأمثلة من مشروع الشيخ الجسر، وأختم ببعض الملحوظات حول هذا المشروع المهم:

قد يقع الخلاف مع الشيخ حول ما قدّمه من معالجات، ولكن الذي لا خلاف حوله بأن الشيخ قد استوعب مشكلة العلوم الحديثة عندما دخلت إلى العالم الإِسلامي، واستوعب خطورة التوظيفات السلبية والخطيرة التي قام بها المتغربون وأمثالهم للعلم الحديث في نقض الدين، وأنه رغم ثقل التركة "الكلامية - الصوفية" عليه إلا أنه كان مع ذلك معتدلًا في موقفه من هذا الباب على الأقل؛ حيث وافق -بحسب ما أرى والعلم عند الله- الحق في أكثر مواقفه


(١) المرجع السابق ص ١٥٩.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير ص ١٣٩٥ - ١٣٩٦.
(٣) انظر: الحصون الحميدية، الجسر ص ١٥٦، ١٦٠.
(٤) انظر: المرجع السابق ص ١٦٤.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ١٥٦ - ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>