للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - سعة العلم تقلل مساحة توهم المخالفة أو التعارض:

إذا جاء العالم اختفت المشاكل أو قلت، فقد تقع الحيرة من العوام أو من طلبة العلم بخلاف العالم حيث نجد عنده ما يخفف الإشكال أو يزيله، فنجد الشيخ يقول: "قد تأملنا ما ورد في الكتاب العزيز من الآيات المشتملة على ذكر الشمس والقمر والكواكب، فلم نجد فيها ما يدل دلالة صريحة على عدم إمكان الوصول إلى القمر أو غيره من الكواكب، وهكذا السنة المطهرة لم نجد فيها ما يدل على عدم إمكان ذلك" (١). يكتفي الشيخ بحسب تخصصه بالانطلاق من النص إلى الواقع أو الحادثة، ومن كان في مكانته كان بإذن الله أقدر على فهم النصوص والمراد منها. ويبقى بعد ذلك دور المتخصصين في تلك العلوم الانطلاق منها: من مناهجها وأدواتها وآلياتها ليتحقق من الأمر ويبين حاجتنا منها ويرتقي خطوة أكبر في تأصيلها وفي غرسها داخل ثقافتنا دون إشكالات.

٤ - الموقف من اجتهادات علماء الإِسلام السابقين وتفسيراتهم للنصوص:

أوضح ما نجده من أقوال لعلماء الإِسلام في الآيات الكونية نجده في تفاسيرهم، وقد يستعجل بعض طلبة العلم فينقل قول عالم من علماء الإِسلام في إحدى تلك الآيات الكونية مع أن ذلك القول قد يتعارض مع شيء من المعطيات العلمية الحديثة، ثم يجعل ذلك دليلًا على بطلان العلم الحديث في هذه القضية، وينسى بأن العالم المجتهد يجتهد فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر اجتهاده، فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم، فاجتهد، ثم أصاب، فله أجران، وإن حكم واجتهد، فأخطأ، فله أجرٌ" (٢). فإن وجدنا لعالم من العلماء قولًا في مسائل كونية يعارض ما اشتهر في العلوم الحديثة، فعلينا التأكد من سنده، وصحة نسبته لهذا العالم، ثم نتأكد من صحة فهمنا لقوله، ثم إن ذلك قد يكون مما أخطأ اجتهاده فيه. وقد وجدت لبعض من يكتب حول هذا الباب نقولات عن ابن كثير -رحمه الله- من تفسيره أو من تاريخه أو


(١) الوصول إلى القمر ص ٨٨.
(٢) البخاري برقم (٧٣٥٢) باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، ومسلم برقم (١٧١٦) باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ من كتاب الأقضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>