يكون المنهج السليم هو إبقاء النص الشرعي دون تحريف، مع إبطال كل ما يعارضه من أوهام البشر أو أوهام الأفكار والعلوم وظنياتها.
لقد اتجه القسم العلمي الشرعي من المتأثرين بالشيخ نحو التفسير، وكان كل عالم منهم عند التفسير يستشعر ما استشعره الشيخ من المستجدات الفكرية والعلمية، بحيث يمكننا القول: إن الشيخ "محمد عبده" قد أحدث منعطفًا في التفسير، وبرز ذلك في أتباعه أو مع المتأثرين به، حيث يظهر في تفاسيرهم استحضار مشكلة العلم الحديث ومكتشفاته ونظرياته، أولهم الشيخ محمَّد رشيد رضا الذي شارك الشيخ في وضع التفسير إلى [الآية: ١٢٥ من سورة النساء]، ثم واصل بعد وفاة الشيخ إلى أول سورة يوسف، وقد ذكر الدكتور "عبد الغفار" في منهج الشيخ عبده عدة أسماء تأثرت بالشيخ ومنهجه ومنهم (١): "عبد القادر المغربي"، "محمَّد المراغي"، "جمال الدين القاسمي"، "عبد الحميد بن باديس"، "محمَّد الطاهر عاشور"، "محمود شلتوت"، "محمد دراز"، "محمد البهي"، "بنت الشاطئ"، "سيد قطب"، مع أن بعضهم له تفسير لجزء من القرآن وبعضهم له وقفات مع الآيات فقط.
وأفرق هنا بين استحضار الأفكار الجديدة والعلوم الحديثة في أثناء قيام أحدهم بالتفسير فيراعي عدم مخالفتها، أو يستثمرها في توضيح المعاني القرآنية وهو حال أكثر رواد هذه المدرسة، حيث كان عندهم حذر من الانفتاح على هذا الباب، وهو موقف حسن منهم. ولكن هناك من توسع في ما اصطلح عليه بـ"التفسير العلمي"؛ أي: الاستفادة من العلم الحديث ومكتشفاته ونظرياته في فهم آيات القرآن الكريم، وهي مسألة ما زالت ميدان اختلاف شديد داخل الفكر الإِسلامي ما بين رافض لها أو مؤيد مع توسع أو مؤيد بضوابط شديدة، والمقصود هنا فقط أن هذا التوجه ظهر من داخل هذا الاتجاه مع أن أغلب أصحابه من المتحفظين جدًا ومن المتشددين جدًا في الموضوع، أي: أنهم لا يبادرون بوضع اكتشاف علمي أو نظرية علمية لتوضيح آية وإن كانوا في المقابل أثناء تفسيرهم على انتباه للأمور العلمية فلا يتوسعون في تفسير ما يظهر منه مخالفة للعلم الحديث.
(١) الإمام محمَّد عبده ومنهجه في التفسير، د. عبد الغفار عبد الرحيم، الباب الثالث ص ٣١٩ وما بعدها.