للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا هي بالتي نبذت الإِسلام كليًا كما هو حال المتغربين الصريحين ولا هم ممن رعوه حق رعايته، وإنما استبقَوا منه بحسب زعمهم الجزء الاعتقادي منه بعد تأويله وأعادوا تجديد الجانب التشريعي منه ليتوافق مع العصر، ولم يظهر منهم رمز علمي شرعي، ولكن برز منهم قيادات سياسية وفكرية مشهورة، ومن أشهرهم سياسيًا "سعد زغلول" وفكريًا "لطفي السيد".

لقد كان وجود الشيخ قويًا على من حوله فلا يخرجون عن الدوائر التي حددها، ولكن بعد موته ذهبت الخشية والحياء من تجاوز الدوائر التي حددها الشيخ، ولاسيّما في باب التغريب والعلمنة، وهنا ملحوظة لها أهميتها في مجال الفكر الإِسلامي المعاصر وهي: هناك تأثير لمحمد عبده لا يمكن التقليل من شأنه، ويختلف تأثيره على مجمل الشخصيات ما بين تأثير طاغي وهذا فيمن كانوا معه، وما بين تأثير أخف وهذا فيمن أعجب به ممن يتابع أخباره عبر مجله "المنار" أو التقى به في بعض المناسبات، فلو أردنا البحث عن علاقتهم بالاتجاه السلفي ولاسيّما مع اعترافهم بأثر ابن تيمية وابن القيم عليهم، فسنجد أنهم على مستويات: فإذا استبعدنا مسألة التأثر بالبيئة "الكلامية الصوفية" بحسب السائد في بيئتهم، فإنهم على مستوى القضايا الفكرية المهمة بعد غياب الشيخ محمَّد عبده عن الساحة قد تنوعت اجتهاداتهم.

فالطبقة العلمية منهم في بلاد الشام ومصر والمغرب تكاد اجتهاداتهم تتوافق مع الاتجاه السلفي، ونتذكر هنا الشيخ "القاسمي" و"محمَّد رشيد رضا" وغيرهما من أعلام الشام (١)، والشيخ "محمَّد حامد الفقي" و"جماعة أنصار السنة المحمدية" من مصر، و"الحجوي" من المغرب، و"ابن باديس" علامة الجزائر مع "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، و"الطاهر بن عاشور" علامة تونس (٢).


(١) انظر حول القاسمي: جمال الدين القاسمي علامة الشام، عدنان الدبسي، مقالة بمجلة البحوث الإِسلامية، الرياض، عدد (٤٣) ص ٢٨٥، وانظر حول رضا: منهج الشيخ محمَّد رشيد رضا في العقيدة، تامر متولي.
(٢) انظر حول ابن باديس وجمعية العلماء: عبد الحميد بن باديس، د. محمَّد فتحي ص ٢٥، وانظر: فلسفة التجديد الإِسلامي (نموذج الشيخ بشير الإبراهيمي)، د. محمَّد زرمان ص ٢٠، وانظر حول ابن عاشور: شيخ الجامع الأعظم محمَّد الطاهر بن عاشور، د. بلقاسم الغالي ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>