للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديولوجي تغريبي، وأشهرها المجموعات الماركسية العربية وغير العربية في البلاد الإِسلامية، حيث أصبح المصدر الوحيد عندهم هو الماركسية، وكل ما سواها فلغوٌ وخرافة، وفي ذلك يقول أحدهم: "إن الإِسلام والعلم في هذا الأمر على طرفي نقيض. فبالنسبة للدين الإِسلامي -كما بالنسبة لغيره- إن المنهج القويم للوصول إلى مثل هذه المعارف والقناعات هو الرجوع إلى نصوص معينه تعتبر مقدسة أو منزلة. أو الرجوع إلى كتابات الحكماء والعلماء الذين درسوا هذه النصوص وشرحوها. أما تبرير العملية بأسرها فيستند إلى الإيمان أو الثقة العمياء بحكمة مصدر هذه النصوص وعصمته عن الخطأ. ومن نافل القول أن نردد أن الطريقة العلمية في الوصول إلى معارفنا وقناعتنا عن طبيعة الكون ونشأته وعن الإنسان وتاريخه تتنافى تمامًا مع هذا المنهج الاتباعي السائد في الدين؛ لأن المنهج العلمي قائم على الملاحظة والاستدلال، ولأن التبرير الوحيد لصحة النتائج التي يصل إليها هذا المنهج هو مدى اتساقها المنطقي بعضها مع البعض الآخر ومدى انطباقها على الواقع" (١)، والإحالة عند صادق العظم -صاحب المقولة- ليست إلى العلم الرياضي والطبيعي القائم على الاستدلال والملاحظة، وإنما إلى الصورة الماركسية لهذا العلم؛ أي: في ظل التوظيف الماركسي لمعطيات العلم والاستغلال الأيديولوجي له، لقد تحول مفهوم العلم عند الماركسيين إلى مفهوم مطابق للماركسية، الماركسية هي العلم، وقد ظهر فيما بعد باسم "الاشتراكية العلمية"، تلاعبًا منها بهذا المصطلح المحبوب عند الناس، على أن أيديولوجية (الماركسية/ العلم) هي الإلحاد، فيصبح العلم قرين الإلحاد، وهي صورة تلبست التيار المادي التغريبي من شبلي شميل إلى سلامة موسى إلى صادق العظم إلى الأحزاب والتيارات الماركسية العربية الكثيرة التي أعلنت بصراحة افتخارها بالإلحاد.

تعد هذه التبعية العمياء من الأمراض الخطيرة، وقد حذّر منها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لتتبعُنَّ سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ تبعتموهم". قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟! " (٢)، والموغلون في التبعية يُصبحون في حكم


(١) نقد الفكر الديني، صادق العظم ص ١٥ - ١٦.
(٢) البخاري (٧٣٢٠) باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان. . . ."، من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، ومسلم برقم (٢٦٦٩)، باب اتباع سنن اليهود والنصارى من كتاب العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>