للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ صالح آل الشيخ حول الحديث وحديث آخر في الموضوع نفسه: "مما يستفاد منه أن صاحب الهوى قد يفهم الصواب، فإذا فهم الصواب، فإن الواجب أن يقبل منه؛ لأن المسلم يجب عليه أن يقبل الحق ممن جاء به، ولو كان يهوديًا أو نصرانيًا، فهذا اليهودي والنصراني توجها إلى المؤمنين بالقدح فيهم بالشرك، ولم يمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبول الحق الذي قالوه أنهم يهود، بل قبل ما جاء به ذلك اليهودي فأوصاهم أن يتركوا ذلك التنديد؛ لأن الحق هو ضالة المؤمن أين وجده أخذه، فلا يمنعه من قبول الحق أن قاله مشرك، أو قاله كافر، أو قاله فاسق، أو قاله مبتدع، أو قاله ضال، إذا كان الكلام في نفسه حقًا؛ لأنه كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها". . . . ولابن ماجه عن الطفيل -أخي عائشة لأمها- قال: "رأيت: كأني أتيت على نفر من اليهود قلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمَّد": هذا فيه أن صاحب الهوى أو صاحب الملة الباطلة قد يرد على صاحب الحق بأن عنده باطلًا كما أن عند ذاك باطلًا، فإذا واجهه بذلك فالواجب عليه أن يتجرد للحق وأن لا يرد الحق لأجل أن من أتى به صاحب باطل، فالقاعدة عند أهل السنة والإيمان أن البدعة لا ترد ببدعة والباطل لا يرد بباطل. . . . بل إذا ووجهت بحق، ولو كان من أضل الضلال فاقبل، فإبليس -الشيطان- قبل منه بعض الحق الذي جاء به، وأرشد إليه أبا هريرة، وهؤلاء اليهود والنصارى في هذين الحديثين قبلنا منهما حقًا أرشدونا إليه في أعظم المسائل وأجل المطالب، وهو توحيد الله -عز وجل- (١)، فإذا كان المسلم يقبل الحق حتى في هذه الأبواب ومن أبغض الخصوم فكيف بما هو أقل منها؟!

كما أن الإِسلام له موقف شديد في الدعوة لتخليص القلب والعقل من


(١) التمهيد لشرح كتاب التوحيد، صالح آل الشيخ ص ٤٦٤ - ٤٦٥، وحديث "الحكمة" عند الترمذي برقم (٢٦٨٧)، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وقال فيه: هذا حديث غريب، وابن ماجه برقم (٤١٦٩)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص ٣٢٠، وحديث "الطفيل" عند ابن ماجه برقم (٢١١٨)، كتاب الكفارات، باب النهي أن يقال: ما شاء الله وشئت، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (١٧٢١) وفي السلسلة الصحيحة برقم (١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>