للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهوى، الحق هو المهم وهو المطلوب، وطلب الحق والبعد عن الهوى يتحقق بطلب العلم وطلب الإيمان (١)، قال -تعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء: ٣٦]، وقال -تعالى-: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (٢٨)} [النجم: ٢٨]، وقال -تعالى-: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)} [المائدة: ٧٧]، وقال -تعالى-: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨)} [الأنعام: ١٤٨]، وقال -تعالى-: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٩)} [الروم: ٢٩]، وقال -تعالى-: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} [الأنعام: ١١٩]، وغيرها كثير في طلب الحق وعدم الميل إلى الهوى، وهي وإن كانت في حال المكذبين بالدين والمنحرفين فيه، إلا أنها تصبح منهجًا للمسلم، فيبتعد عن الظن والهوى، ويحرص على الحق في كل شيء، وعلى الصدق وعدم القول دون علم.

ولا يشكل هذا نقطة خلاف بين المنهج الإِسلامي وبين المناهج الأخرى التي تصور الموضوعية بهذه الصورة، ولكن يتعجب أصحاب المنهج الإِسلامي من حال المتغربين وأمثالهم من تجاهلهم لدور الإِسلام في تأسيس هذا البعد في صميم المنهج العلمي، وقد بدأ ذلك مع أعز شيء على نفوس المسلمين "حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -"، فمع محبة المسلمين لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي محبة لم تجعلهم يغمضون أعينهم، ويقبلون بأي حديث ينقله الناقلون، بل قام علم الجرح والتعديل بصرامة، وطُبق على أناس لهم محبة ومكانة في نفوس المحدّثين، ومع ذلك لم يُقبل حديثهم أو بعضه لبعض المشكلات حول الراوي، كما أن الأحاديث قد طبق عليها الصرامة نفسها (٢)، وأُمّة بمثل هذه الصرامة في طلب


(١) انظر: الإِسلام والعلم التجريبي، د. يوسف السويدي ص ١٠٢ - ١٠٦.
(٢) انظر مثلًا: مقاييس نقد متون السنة، د. مسفر الدميني، ولاسيّما ص ٢٣٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>