للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - دلالتها النفسية: تعد تمحيصًا لأثر العوامل النفسية في تشكيل المعرفة.

٤ - دلالتها الثقافية: التي تشير إلى الاتفاق أو التواضع حول المعايير والتدابير السائدة في المناخ الفكري عند بحث موضوع ما، والسائد هو ما اتفق عليه المجتمع العلمي في ذاك الوقت (١).

نلحظ وجودًا لشبكة معقدة من المعاني ضمن مصطلح الموضوعية، وهي شبكة قابلة لأن تكون غير موضوعية؛ بسبب ارتباطها بتيارات ذات تحيز لا يمكن التخلص منه، كما أن هذه الشبكة المعقدة قابلة لتسريب الميول السائدة في عصر تشكل هذه المفاهيم إلى صميم المصطلح، وأهمها وأخطرها أن صُناع هذه المفاهيم والقيم قد شكلوها وقتَ صراعهم مع الدين والغيبيات، ووقت غلبة النزعات المادية والمذاهب الإلحادية والمواقف اللا أدرية مما جعل مفهوم الموضوعية يتلطخ بتلك الأبعاد.

نجد في أحد كتب المنطق والمنهج ما يأتي: "يسعى العالم قبل كل شيء إلى الموضوعية. فغاية العلم هي تحديد طابع الأشياء لا في علاقتها بنا، بل في علاقتها بعضها مع البعض الآخر. فالروح العلمي يقتضي تنحية كل اعتبار غريب عن الجهد الذي يبذل نحو الموضوعية الخالصة وبخاصة كل اعتبار انفعالي عاطفي، ديني أو أخلاقي، وكذلك التحرر من سلطة العرف. . . ." (٢)، ومثله قول متخصص -لطفي- في العلوم الاجتماعية: "ليس المقصود بالموضوعية هنا عدم التشويه المتعمد للحقائق فقط، أو العرض المضلل لها بقصد نشر مُثُل أو مبادئ معينة، وإنما نقصد أيضًا تحاشي تأثرنا عن غير عمد أثناء الدراسة، فلا ننقد أو نحكم على المجتمعات الأخرى التي تختلف عن مجتمعنا في الزمان والمكان على أساس القيم والاتجاهات والعقائد السائدة في مجتمعنا. . . . إن المقصود بالموضوعية هو ألا نكون متحيزين في ملاحظاتنا للظواهر الاجتماعية وترددها، وألا نتأثر بأية ناحية تعصبية دينية أو سياسية أو طبقية. . . ." (٣)، وفي بحثه المهم


(١) انظر: الموضوعية في العلوم الإنسانية ص ٥٨ - ٥٩، وانظر: فلسفة العلم، كلاهما للدكتور صلاح قنصوه ص ١٧٢ وما بعدها.
(٢) أسس المنطق والمنهج العلمي، د. محمَّد الشنيطي ص ١٦٤ - ١٦٥.
(٣) علم الاجتماع، د. عبد الحميد لطفي ص ٢٩٠ - ٢٩١ نقلًا عن منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، محمَّد أمزيان ص ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>