للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أطلت من هذا النموذج؛ لأنه يغني عن عشرات النقول عن المتغربين، فهم لم يتجاوزوا هذا الكلام، حيث سنجد هذا النموذج الشاذ يدخل في كتابات تغريبية عربية، حذو القذة بالقذة، ومع ذلك فهذا الكلام غير مُستَغرب من الملاحدة، فهو موجود في كل زمن، وإنما القصد هنا أن مثل هذه الدعاوى تتلبس بالعلم.

وقد أورد سيد قطب منقولات عن ديورانت تصل لنتيجة: أن تلك الدعاوي التي تتلبس العلم، قد جاء العلم نفسه بإبطالها. ومن كلام ديورانت: "يقول برتراند رسل: "يقترب علم الطبيعة من المرحلة التي يبلغ فيها الكمال". وجميع الدلائل تدل على العكس من ذلك .. أما هنري بوانكاريه فيرى أن علم الطبيعة الحديث في حالة من الفوضى، فهو يعيد بناء جميع أسسه، وفي أثناء ذلك لا يكاد يعرف أين يقف. وقد تغيرت الأفكار الأساسية عن الطبيعة تغيرًا تامًا في العشرين السنة الأخيرة، فيما يختص بالمادة والحركة كلتيهما. ولم تعد تسمح أعمال كوري ورذرفورد وسودي وأينشتين ومينكوفكس لأي تصور قديم عن الطبيعة النيوتونية بالبقاء" (١)، ويعلق سيد على ذلك فيقول: "وبعد، فإن هذا هو موقف العلم من المجهول. . . . بل من المنظور. . . .! وهو الذي يحيلنا عليه أمثال جوليان هاكسلي من "العلماء" المتبجحين المستهترين بقيمة الكلمة في الحقيقة!. . . . وبقي "الإنسان" يريد أن يركن إلى "الحقيقة". يريد أن يستقر على قاعدة في التعامل مع هذا الوجود. يريد أن يعرف مركزه في الكون وغاية وجوده الإنساني. يريد أن يرى "الكل" ويطمئن إليه قلبه. . . .

وليس هناك إلا دين الله يريه "الكل". ولم يعد دين الله يتمثل في غير "الإِسلام" .. فهو وحده العقيدة التي سلمت من الإضافات والتحريفات البشرية. وهو وحده الذي يتلقى منه الفكر البشرى مقومات التصور الوحيد الصحيح .. مقومات التصور الإِسلامي. ." (٢).

وإذا أردنا أن نعرف بصورة أدق كيف نبع الانحراف في الغيب من خلال


(١) عن مقومات التصور الإِسلامي ص ٦٠.
(٢) المرجع السابق ص ٦١، وانظر: في ظلال القرآن ٢/ ١١١٥ - ١١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>