البشر وهو أعلم بما يصلح حالهم، وإذا كان الانحراف الأبرز زمن النبوة هو الشرك، وفي باب توحيد الألوهية، فإن الانحراف الأبرز هذا الزمان ولاسيّما في الفكر التغريبي وقدوتهم الغربيين هو في باب الربوبية وغالب الغيب، وما جاء في القرآن من الاستدلال بالمخلوقات على الخالق هو ردٌ مباشر على منكري الربوبية والمنحرفين في الغيب، ولكن ليس للوقوف عند هذا الباب، وإنما من أجل الانتقال منه إلى باب توحيد العبادة (١).
عند النظر في الآيات الكثيرة حول الاستدلال بالمخلوقات على الغيب وعلى الخالق، نجد تعقيبًا لأغلب الآيات يحرك العقل نحو الإقرار بالخالق سبحانه، ومن ثم ما يلزم منه من الإيمان به سبحانه، والاستسلام له وتحقيق عبوديته وتوحيده.
وأما التي ترتبط بالمخلوق فالتعقيب بما يتعلق بالإنسان من جهة حثّه على
(١) من بين أبرز الكتابات في هذا الباب ما كتبه ابن القيم -رحمه الله- في كتابه: (مفتاح دار السعادة)، ومن الكتابات المعاصرة كتاب: الشيخ عبد الرحمن حسن الميداني (براهين وأدلة إيمانية)، وهناك رسالة علمية بعنوان: (الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد) لسعود العريفي.