للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف بعالم الغيب؟! كما أن هذا العالم المشهود العجيب يدفع للإقرار بالغيب المجهول.

فهؤلاء العلماء يذكرون عن جانب الكون الكبير شيئًا عجيبًا يستحيل الإحاطة به، ومما يذكرون أن "القابل للرصد يتألف من تعنقدات "حشود" المجرات أو الأبراج. ويقدر عدد المجرات ما بين مئة مليون إلى مئة مليار مجرة. وتتألف المغيرة الواحدة من مئة مليار نجم تقريبًا، لنصفها على الأقل حجمٌ يزيد عن حجم الشمس؛ أي: أن الكون القابل للرصد الجوي يحوي على الأقل مئة مليار نجم" ومجموعتنا الشمسية تقع في أحد أذرعة درب التبانة، وهي مجرة من بين تلك المجرات، تحوي على "أكثر من مئتي مليار نجم، معظمها يشبه شمسنا" (١)، وقد تحتوي المجرة الواحدة "على نجوم يساوي حجمها ألف مليار حجم الشمس، وببلغ عددها مئة مليار نجم. . . . ويقدر عدد المجرات التي تؤلف الكون بمليار مجرة" (٢).

ويقول التكريتي: "أما من ناحية عالم الفضاء الواسع فالأمر، قطعًا، أكثر صعوبة وتعقيدًا. لنأخذ مثالًا بسيطًا. يبلغ قطر مجرتنا "درب التبانة" ٣٠ كيلو بارسيك؛ أي: مائة ألف سنة ضوئية، أو بليون بليون كيلو متر. . . ." (٣).

لا شك أن سعة المجهول في عالم الشهادة، الكبير منها والصغير، تجعلنا أكثر تواضعًا أمام الغيب الأكبر، وعدم الخوض فيه، والاكتفاء بما ورد في الوحي، مما يدور حول الرب سبحانه، وآياته التي جعلها لأنبيائه، والملائكة، والوحي والرسل -عليهم السلام-، وعالم الملأ الأعلى، ومستقبل العالم، فإن العلم الحديث قد وسّع من مدارك الناس ودلّهم على صعوبة الإحاطة بعالم الشهادة فمن باب أولى عالم الغيب.

وقد عرض الدكتور محمود زيدان أقوالًا لعمالقة علماء الطبيعة حول العالم المادي الذي يصفونه، ويضعون قوانينه بأنّه "ليس العالم المادي في حقيقته، وإنما هو العالم كما يبدو لعقولنا، إنه عالم من صيغ رياضية مجردة. . . . أما


(١) التطور الموجه، د. هاني رزق، ضمن كتاب الإيمان والتقدم العلمي ص ١٣.
(٢) المرجع السابق، رزق ص ٣٨.
(٣) المرجع السابق، التكريتي ص ٥٠، وانظر: الإِسلام يتحدى ص ٥٦ - ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>