للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحول معرفة الشفرة الوراثية يقول: "إن من أصعب الأمور التي تواجه العلماء، ليس في قراءة الشفرة فحسب، بل في الفهم الصحيح لهذه القراءة. إن القراءة الكاملة للذخيرة الوراثية ربما تكون ممكنة خلال الأشهر القادمة، أما موضوع الفهم الصحيح لهذه الكتابة فقد يمتد إلى عشرات أو مئات السنين، أو قد لا نصل أبدًا إلى الفهم الكامل والتام لكيفية عمل المورثات وكيفية تفاعلها بعضها مع بعض بشكل واضح ودقيق" (١).

ويقول: "إن المادة الوراثية الموجودة في خلية واحدة من خلايا الإنسان تحتوي على ٣.٢ بليون حرف، كل منها عبارة عن جزيء من الأحماض النووية المسماة أدينين، سايتوزين، غوانين، ثايمين، وبإمكان تلك الأحرف أو الجزيئات أن تعطي عددًا غير محدود من الكلمات. . . ." (٢).

إن الكشوفات العلمية التي يهدي الله لها العلماء تزيد من حجم المساحة التي كنا نجهلها من عالم المخلوقات، وتفتح الباب لاحتمال وجود عوالم غائبة قد تُكتشف مع الأيام، ومن ذلك اكتشاف لغة جديدة كنا نجهلها، وهي اللغة الجينية المبنية على أربعة أحرف، ويخرج منها ملايين الكلمات التي تكوّن خارطتنا الوراثية المدهشة، وهي مسجلة في خلية واحدة، وكأنها كتاب، لو قدر لأحدهم قراءتها دون توقف لاحتاج لخمسين سنة من القراءة، وهذا يكشف أننا كنا أميين في كل تاريخنا البشري. ولا يعني هذا الكشف سهولة الأمر، فإن الكشف الحالي ما زال في بداياته، وهو مثل معرفة آلاف القطع التي تكون طائرة عملاقة، فمعرفة هذه القطع لا يعني أننا بالضرورة قادرون على صنع طائرة وقيادتها، كما أن هناك قضايا معقدة يصعب معرفتها، مثل عدم معرفة سبب موت خلايا معينة من هذه الملايين لتسبب أمراضًا معينة (٣)، ومع أن ذلك ممكن في المستقبل من الناحية النظرية، ولكن تأتي المفاجآت من ظهور أشياء خفية جديدة تستعصي على الحل السريع، مما يجعل الباب مفتوحًا على مفاجآت تخفف من الغرور البشري.


(١) العصر الجينومي ص ٦٤.
(٢) المرجع السابق ص ٦٨.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٠ ص ٧٤ - ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>