للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقابل الدين دون تعظيم للدين، ومن ذلك ما نجده عند "رزق " حيث يقول: "مع أننا نواجه عند بحثنا لأصل الحياة "وليس لأصل الإنسان" صعوبات تماثل الصعوبات التي نصادفها عند الحديث عن أصل الكون، إلا أن بساطة العلاقة بين الطاقة والمادة، وأنواع المقاريب، والسواتل، والمسابير الفضائية، وكذلك المسرعات الضخمة التي بناها العلماء، والدراسات النظرية الرياضية والفيزيائية، حولت، كما سبق أن عرضنا، فرضية الطراز المعياري للانفجار الأعظم إلى نظرية راسخة معيارية، تستطيع تفسير أمور عديدة تطرحها الرياضيات الكونية، وتنبثق عن الدراسات، التي تجري في نطاق الفيزياء الفلكية. إن البحث عن أصل الحياة يفتقر إلى هذه الأمور كلها. ويزيد في صعوبة إجراء بحوث معمقة حول أصل الحياة تعقد الحياة نفسها مقارنًا بالمادة التي تشكلت نتيجة الانفجار الأعظم. . . . وعلى الرغم من هذه الصعوبات الجسيمة، فإن تقدم البيولوجيا الجزئية في النصف الثاني من هذا القرن، أدى إلى اختصار عدد الأسئلة التي كانت تطرح في هذا الصدد. . . ." (١)، ويقول عن أصل الأرض: "مع أن أصل الأرض ما يزال يعتوره الغموض، إلا أنه يرجح بأنها ولدت نتيجة تصادم نجم مع نجم آخر، أو مع كوكب ضخم. ولقد حدث هذا قبل ٤.٦ مليار عام. . . ." (٢)، بل هذا ما ينقل حتى من أصحاب النظريات كما نقل مثلًا عن "داروين" قوله: "إن سرّ بداية الأشياء غير قابل للحل. أما فيما يتعلق بي شخصيًا فإنني قانع بأن يكون موقفي هو موقف اللاأدري حول هذا الموضوع" (٣).

بعد عرض هذه الأصول أقف مع نماذج أكثرُ تطرفًا وغلوا وأصرح في التغريب ومحاربة الدين عن طريق التكذيب بالغيب بحجة تعارضه مع العلم، أو أصرح في التبعية العمياء وتحريف أي نص غيبي لا يتوافق مع ما يتصوره علمًا.

أمثلة من الانحراف حول خلق الكون:

قد نجد من يعرض التصور الإِسلامي عن هذا الباب بحسب ما يفهم بعقله من الآيات الواردة، ثم يحولها كفرع تحتاج إلى أصل توافقه، بينما الحق أن


(١) التطور الموجه، د. هاني رزق ص ٥٣، ضمن كتاب الإيمان والتقدم العلمي.
(٢) المرجع السابق ص ٦٦.
(٣) نظرية التطور عند مفكري الإِسلام. دراسة مقارنة، د. محفوظ عزام ص ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>