للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك الكائنات إلى خمسة تُعد الأكثر تطورًا "نحن خمسة ليس لنا سادس، قد افترقنا منذ أكثر من مليون سنة، ولكننا ما زلنا نذكر قرابتنا وندل عليها بالوجوه وسائر الأعضاء، وكذلك بالاتجاهات الذهنية والعاطفية. نحن البشر، ثم الشمبنزي، ثم الغوريلا، ثم الأورانج، ثم الجيبون" (١).

ولنترك ما حدث للنظرية العلمية؛ لأن هذه النظرية لها مدافعون عنها ولها معارضون (٢)، ولكن لننظر إلى الأمراض التي تتسرب من خلال النظريات، لاسيّما تلك التي لها علاقة بمبحث الغيب؛ لأن هذه الأمراض هي متواصلة مع كل نظرية ترتبط بمن لا يؤمن بالله، وأهمها في القسم الأول مما يطرحه موسى هنا: تفسير نشأة الكون والحياة تفسيرًا ماديًا، الطبيعة تُكوّن نفسها بقواها الخاصة وتُطور نفسها وتغير في مكوناتها، لا وجود هنا للخالق المالك المدبر الفعال لما يريد؛ لأنه عند الماديين لا وجود إلا للمادة، هي الوجود الحقيقي، ولها قواها الخاصة التي تدبر وجودها. وبعيدًا عن صحة مكونات النظريات العلمية هذه أو تلك -فذاك ميدان العلوم إلا ما علم بطلانه دينيًا- فمن المتفق عليه فساد التصورات المادية التي يتحرك فيها مثل هذا العرض. حيث يُصور تكون الكون والحياة والإنسان حادثًا بالصدفة وبقواه الخاصة.

ويرتبط بهذا الانحراف المادي حول وجود الكون والحياة والإنسان انحراف أكثر مادية وإلحادًا حول قضايا الغيب الأخرى:

فالوعي بقضايا الغيب يرتبط بالإنسان، فهو الذي يشعر بالغيب وهو المكلف بالإيمان بالغيب، فكيف يطرحه هذا النموذج من خلال عرضه لنشوء الكون والإنسان؟

باختصار، سكن الإنسان مع الأربعة السابقين على الشجر في الغابات، مما هيأ لنمو يديه للتسلق ورجليه للمشي، ثم ترك الشجر ونزل للسهول، وارتبط بذلك تطور آخر لأعضائه، ولاسيّما الشم والسمع والنظر، وأصبحت من وسائل معرفته، بينما اليد والرجل تساعده في العمل والحركة، وبسبب حاجتهم للتعاون


(١) المرجع السابق ص ٩٤.
(٢) انظر: ما أصل الإنسان؟ .. ، د. موريس بوكاي ص ٥٤، وانظر: مصرع الدارونية، محمَّد يوسف ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>