للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعد المسألة بحثًا علميًا يدخل في دائرة البحث العلمي من قومٍ لا يجدون مرجعية عليا توجه التصور والتفكير والعمل، وإنما تجاوزت ذلك إلى تصورات وعمليات كثيرة.

وتثار هذه النظرية من قبل المتغربين بمثل هذه المشكلات، لاسيّما في اتخاذها أداةً للتكذيب بالدين والطعن فيه، ومن ذلك التكذيب بخلق الإنسان، والتكذيب بخلق آدم -عليه السلام-، وكذا يتخذونها أداةً لإثبات التعارض بين الدين والعلم، فتجد أحدهم يسب الدين متذرعًا بمثل هذه النظرية، فوقع المحذور من جهتين: من جهة التكذيب بالغيب ومن جهة رفع دعوى التعارض، وهما بابان خطيران على الدين وفيه، فما جاءت الانحرافات الكبرى إلا ممن كذب بالغيب، وقد يصل بصاحبه إلى التكذيب بكل الغيب وبهذا يقع إبطال الدين، ومثله من ادعى التعارض؛ لأنه هنا يقيم دعوى التعارض بين الدين والعلم، والعلم في أذهان الناس مرتبي بالحقائق الموضوعية، فيقع من ذلك استهانة بأمر الدين عند الجاهل بالدين وغيبه والجاهل بالعلم الحديث ومشكلاته، وهذه نماذج من هذه الانحرافات الخطيرة التي انطلقت من خلال الاتكاء على نظرية علمية حول أصل الإنسان.

كانت بداية ذلك مع طائفة من المتغربين تبنوا ما هو أوسع من النظرية وهو المذهب الداروني، ومن أولئك شبلي شميل الذي ينكر الخلق الإلهي لكل شيء، بما في ذلك الإنسان "فالخلق إبداع في مصنع الطبيعة"، وأما عدم قدرة العلم على إثبات التولد الذاتي؛ أي: الحياة من الجماد، فلا يعني ذلك التسليم للقائلين بالخلق (١).

وتبعه في ذلك سلامة موسى فهو يسير مع النظرية من بدايتها لنهايتها


= يحيى" في مقدمتهم، فله مؤلفات عدة حولها، منها: (نهاية الدارونية)، و (الدارونية عقيدة)، و (فضائح علماء التطور)، و (اعترافات علماء التطور)، و (حقيقة أصل الحياة)، و (خديعة التطور)، وقد اعتمدت على الأخير، ومن بين الدراسات المهمة أيضًا دراسة "محمَّد كولن" (حقيقة الخلق ونظرية التطور). وقد ظهرت كتابات عربية كثيرة عن التطور وداروين، ويبقى أسلمها وأجودها من وجهة نظر الباحث هي كتابات محمَّد قطب، ولاسيّما (التطور والثبات. . . .).
(١) انظر: الفلسفة النشوئية. . . .، د. محمود المسلماني ص ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>