للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متحملًا كل أبعادها المادية، فقد نشأت الحياة في الماء، ثم تطورت تلك الخلية حتى تحولت إلى حيوان بحري ثم حيوان بحواس تمكنه الخروج من الماء، وتطور على الأرض (١) إلى أن يصل إلى الإنسان "نحن خمسة ليس لنا سادس، قد افترقنا منذ أكثر من مليون سنة. ولكننا ما زلنا نذكر قرابتنا وتدل عليها بالوجوه وسائر الأعضاء (٢). . . .، عشنا آلاف القرون على الأشجار، ثم تركناها بصحبة الغوريلا، وعندما تركنا الأشجار بدأ التطور يدخل أجهزتنا، وعبر مئات السنين أصبحنا على ما نحن عليه، وكل ذلك حدث في الطبيعة وبها، وكل ما سوى ذلك هو من الغيبيات التي ولدت في فترة بدائية من حياة الإنسان" (٣).

وقد أصبحت النظرية بعد ذلك أداة للتكذيب بالغيب أو أداة لترسيخ التعارض بين الدين والعلم، من خلال التكذيب بخلق آدم -عليه السلام-، وكما سبق فإن حجتهم هنا فقط تقوم على عدم دلالة الدليل المعين؛ لأن المسألة ترتبط بالغيب، والغيب لا طريق له سوى الخبر الصحيح، والخبر الصحيح حجة عند كل العقلاء، وبهذا لم تعد المشكلة مع النظرية يرتكز في جانبها العلمي؛ لأن النظرية لا تستطيع تقديم اليقين في الجانب الحسي، فكيف بها في الباب الغيبي، ولكن المشكلة في تحولها إلى أداة، والتلبيس على الناس، وبثّ التشويش على عقائدهم.

ومن بين الأمثلة على قوم يرفعون التكذيب بخلق آدم -عليه السلام- أداةً للتكذيب بالغيب والدين ما نجده من الدكتور "العظم"، فهو يدّعي لأفكاره تناسقها مع العلم بينما هي في حقيقتها ماركسية صرفة. ففي هجومه على من يزعم التوافق بين الإِسلام والعلم يقول: "يشدد القائلون بالتوافق التام بين الإِسلام والعلم، أن الإِسلام دين خال من الأساطير والخرافات باعتبار أنه هو والعلم واحد في النهاية. لنمحص هذا الادعاء التوفيقي بشيء من الدقة بإحالته إلى مسألة محددة تمامًا. جاء في القرآن مثلًا أن الله خلق آدم من طين، ثم أمر الملائكة بالسجود له فسجدوا إلا إبليس، مما دعا الله إلى طرده من الجنة. هل تشكل هذه القصة


(١) انظر: الإنسان قمة التطور. سلامة موسى ص ٦٤ - ٩٥.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٩٥.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٩٥ - ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>