للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتمد موسى النبي على أعمال سحرية تبدو كالمعجزات للاستعانة بها على تصديق أتباعه. . . ." (١)، مع أن السحر من أعظم المحرمات التي حاربها الأنبياء، فانظر كيف حول هذا الرجل نبيًا من أنبياء الله إلى ساحر ومحتال، أو أنه وجد بعض الحالات العادية فاستغلها فيصف نبيًا من أنبياء الله وكأنه شخصية انتهازية تتلاعب بعقول الناس من أجل تحقيق مصلحة، وكما يقول فالمن والسلوى ليس "سوى هبة من هبات الطبيعة التي استغلها موسى، كعادته، وأعلن لشعبه بأن الله أنزلها عليهم كنتيجة لدعائه لهم، وذلك بهدف تثبيت قيادته لهم ومواصلة مسيرتهم" فما هو إلا مادة لزجة حلوة تقطر من بعض الأشجار (٢).

ولماذا كل هذا التكذيب بآيات الأنبياء؟ السبب هو هذا الفهم الفاسد عن الطبيعة، طبيعة آلية صلبة لا أحد يستطيع فعل شيء فيها حتى خالقها. وكما يقول: "ونحن الذين نعرف أن نواميس الطبيعة لا تتغير "وهي بحد ذاتها معجزة"، لا يمكننا أن نصدق تحول ماء النيل إلى دم بمجرد ضربة بعصا موسى. . . . وكذلك الحال مع آفات الضفادع والذباب والبعوض وغيرها، فإنها مع حساب ما فيها من مبالغة لا تعدو كونها حوادث طبيعية. . . ." (٣)، وكما يزعم فإن معجزات موسى -عليه السلام- لا يقبلها العقل السليم ولا يصدقها، وإنما يمكن تأويلها لتصبح معقولة (٤).

تأتي الطبيعة الصلبة أيضًا وناموسها على معجزات نبي آخر من أنبياء الله وهو عيسى -عليه السلام-، فهذا الناموس الطبيعي يجعل "من المتعذر أن يكون للإنسان غير المتعلم أو المتدرّب قدرة على صنع الشفاء؛ لأن الأمراض موضوع عِلْم عظيم هو علم الطب الذي لم يكن المسيح ضليعًا به. ولا يعقل أن يشفى المريض بمجرد تعلّقه بثوب المسيح. . . . ولا يمكن أن يشفى الأعمى من عماه بمجرد لمس المسيح لعينيه. وكذلك الأمر، من المستحيل أن يكون للمسيح أو أي إنسان آخر قدرة على إحياء الموتى الحقيقيين. . . ." (٥)، ولكن هذه


(١) المرجع السابق ص ١٦٣.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٢٣٠.
(٣) المرجع السابق ص ١٢٩، وانظر: الأسس الفلسفية للعلمانية، عادل ظاهر ص ١٤٧.
(٤) انظر: هكذا تكلم العقل ص ١٦٢.
(٥) المرجع السابق ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>