للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علومهم وبين الآيات القرآنية التي تروي كيف تحولت النار فجأة إلى برد وسلام على إبراهيم. كما أن علماء الفلك "وليس التنجيم" سوف يجدون بعض الصعوبة، لا شك، في التوفيق بين معلوماتهم العلمية عن النيازك والشهب من ناحية وبين الآيات القرآنية التي تعلمنا أن الشهب هي لرجم الشياطين والجن حين تحاول الصعود إلى السماء واستراق السمع "أي: الاستماع إلى أحاديث الملائكة" من ناحية ثانية" (١) وذلك في رده على القائلين بعدم وجود تعارض بين الإِسلام والعلم.

فهذا الكاتب قد يرى سبب رفضهم لمثل هذه الآيات هو علميتهم، من جيولوجيين وكيميائيين وفيزيائيين وفلكيين، وما يهمنا أن الكاتب يريد الاستناد للعلم في التكذيب بهذه الخوارق للمألوف، والحقيقة أن العلماء منهم من انحبس في عالم هذه الطبيعة فكفر بآيات الأنبياء، ومنهم من خرج عن هذا الإطار، فأثبت الضرورة والحتمية البارزة في الطبيعة واستثنى من ذلك معجزات الأنبياء لتدخل في باب الجواز والممكن، فاجتمع عندهم دون إشكال الضرورة والحتمية مع الجائز والممكن.

ومن النماذج الخطيرة في هذا الباب ما قدمه محمَّد أركون، فهو يدرس المعجزات ضمن مفاهيم أخذها عن العلوم الاجتماعية والإنسانية مثل: الأسطورة، اللامفكر فيه، الدوغمائية، العجيب الخلاب، وغيرها من المفاهيم ذات الإجراءات العملية في تطبيقاته على القضايا الدينية ومنها المعجزة، ومن بينها "العجيب الخلاب" الذي ناقش من خلاله "المعجزات".

يدور المفهوم حول ظواهر لا يمكن إدراجها ضمن التفسير السببي الطبيعي، مما يدفع الإنسان إلى اقتراح سبب خارق، وهو عند العقلية الدينية يكون بالمعجزات، ويفسر ميتافيزيقيا عند العقل الفلسفىِ، فتكون مهمة هذا المفهوم دراسة مثل هذه القفزة التي تذكر تفسيرًا يخرق العادة لظواهر لم يستطع الإنسان تفسيرها (٢).

ومثل هذا المفهوم المنهجي مثل غيره من المفاهيم التي تكتسب مكانتها من


(١) نقد الفكر الديني، د. صادق العظم ص ٢٦.
(٢) انظر: الفكر الإِسلامي قراءة علمية، محمَّد أركون ص ١٨٧ - ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>