البغدادي، ووفاته سنة سبع وستين وثلاثمائة: أن العباس بن المعلى الكاتب كتب إليه: ما يقول القاضي وفّقه الله تعالى في يهوديّ زنى بنصرانية، فولدت ولداً جِسْمه للبشر ووجهه للبقر، وقد قبض عليهما، فما يرى القاضي فيهما؟
فكتب القاضي بديها: هذا من أعدل الشهود على أن الملاعين اليهود أشربوا
حبَّ العجل في صدورهم، حتى أخرج من أيورهم.
وأرى أن ينَاط برأس اليهودي رأس العجل ويصْلَب على ُنق النصرانية: الرأس مع الرِّجْل، وأن يُسحبا على الأرض، وينادى عليهما: ظلمات بعضها فوق بعض. والسلام.
وروي أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة، فأتى بها الغَيْضَة.
وقال: اللهم إني أستودعكها لابني حتى يكبر، فكبر الولد - وكان بارًّا بأمه، وكانت من أحسن البقر، فساوموها حتى اشتروها بملء جِلْدها ذهباً، وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير، وكانوا طلبوا البقرة التي أمرهم الله بذبحها أربعين سنة (١) .
(عِفْريت من الجِنّ) :
قد قدمنا أن اسمه الكوْدَن، وهو القويُّ المارد من الشياطين، والفاء فيه زائدة.
قال ابن عباس: هو صخر الجني.
وقال ابن زيد: استدعاه ليريه القدرة التي هي من عند الله.
ورُوي أن هذا العرش الذي أمر سليمان بمجيئه كان من فضة وذهب مرَصَّعا
باليواقيت والجوهر، وأنه كان في جوفه سبْع بيوتٍ عليها سبعة أغلاق.
قال ابن عباس: كان سليمان مهيباً لا يُبْدَأ بشيء حتى يكون هو الذي يسألُ
عنه، فرأى ذات يوم رَهجاً قَرِيباً منه، فقال: ما هذا، فقالوا له: بلقيس.
فقال: (أيها الْمَلأ أيّكم يأتيني بعرشها) ، فقال له العفريت: (أنا آتِيكَ به قَبْل أن تقوم من مقامك) .
وكان يجلس مجلس الحكم من الصباح إلى الظهر، فقال الذي عنده علم من الكتاب - وهو آصَف بن برْخيا، وكان رجلاً صالحاً من بني إسرائيل، كان يعلم اسْم اللَهِ الأعظم.
وقيل هو الخضر، وقيل جبريل.
والأول أشهر: (أنا آتيك به) - في الموضعين - يحتمل أن يكون فعلاً مستقلاً، واسم فاعل - قبل أن يرتدّ إليك طَرْفُك، أي قبل أن
(١) لا يخفى ما فيه من المبالغة والبعد.