(٢) قد يجاب عن ذلك بأن شدة حرص رسول (صلى الله عليه وسلم) على هداية قومه ونجاتهم من النار كانت أكثر من حرص نوح ـ عليه السلام ـ على نجاة ابنه يدل على ذلك قوله تعالى فى سورة الكهف {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦) } وقوله تعالى فى سورة الشعراء {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) } والمعنى والله أعلم: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة وحزنا لعدم إيمان القوم. وفى صعيد القيامة لا يذكر أحد أحداً وجميع الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) بما فيهم نوح ـ عليه السلام ـ يقول كل واحد منهم: نفسى نفسى ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: أمتى أمتى. لذا كان الفرق بين خطاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى فى سورة الأنعام {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} وخطاب نوح ـ عليه السلام ـ بقوله تعالى فى سورة هود {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦) } والله أعلم. اهـ (الحاوي في تفسير القرآن) .