الإسلام، واستخلف المؤمنين في الأرض، ومكن لهم فيها دينهم، وملكهم إياها من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب، كما قال عليه السلام: زُوِيت لي الأرضُ فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغ مُلْك أمتي منها ما زُوي لي منها.
ولما نزلت بشَّرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بأن الله كفاهم إياهم، وكان المستهزئون ينفّرون الناس عنه ويؤذونه، فهلكوا.
وقوله:(واللَه يَعْصِمُك من الناس) ، فكان كذلك على كثرة منْ رام ضرّه وقصد قتله، والأخبار بذلك معروفة معلومة.
*******
[الوجه التاسع عشر من وجوة إعجازه (إخباره بأحوال القرون السالفة والأمم البائدة، والشرائع الداثرة)]
مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك، فيورده النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجهه، ويأتي به على نصه، فيعترف العالم بذلك بصحته وصدقه.
وإن مثله لم ينله بتعليم، وقد علموا أنه - صلى الله عليه وسلم - أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا اشتغل بمدارسة ولا بمثاقبة، ولم يغب عنهم ولا جهل حاله أحدٌ منهم، وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه عد عن هذا فينزل عليه من القرآن ما يتلو عليهم منه، كقصص الأنبياء مع قومهم، وبدء الخلق وما في التوراة والإنجيل والزَّبور، وصحف إبراهيم وموسى مما صدّقه فيه العلماء بها ولم يقدروا على تكذيب ما ذكر منها، بل أذعنوا لذلك، فمَنْ وفق آمن بما سبق له من خير، ومن شقي فهو معاند حاسد، ومع هذا فلم يُحك عن واحد من اليهود