(يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) .
أي بجميع أعماله المقدمة في عمره، وما أخر منها بعد مماته، هل سَنَّ سنَّةً حسنة أو سيئة أو صلة أَوصى بها تضره أو تنفعه، أو ما قدم من المعاصي وأخّر من الطاعات، أو ما قدم لنفسه من ماله وما أخّره منه.
أو ما قدم في أول عمره وما أخّر في آخره.
ويحتمل أنه ينبَّأ عن مجموعها.
وفي الحديث: " يدنو أحدكم من ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فيقول عبدي خلقْتكَ بتدبيري، وصوّرْتك بحكمتي، وأتممت عليك نعمتي، فلِمَ عصيتني؟ ".
فأيّ جوابِ لك أيها العبد، وفي حديث آخر:
" لا تزول قَدَمَا عَبد حتى يسأل عن خمس: عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ما عمل فيه، أتدرون مَنِ المفْلس؟
قالوا: لا، يا رسولَ الله.
قال المفلس من يأتي يوم القيامة وله أمثال الجبال من الحسنات، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وضرب هذا، وأكل مالَ هذا، فهذا يأخذ من حسناته وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته طرحت عليه سيئاتهم، ثم طرح في النار ".
اللهم ارحمنا إذا صِرْنَا إليك، والطف بنا يوْمَ الوقوفِ بين يديك، أقسمتُ عليك بأكرم الخَلْق عليك وأرْفعهم مكانة لديك محمد - صلى الله عليه وسلم.
(يومئِذٍ المَسَاق) :
مصدر من السوق، كقوله تعالى: (إلى اللَهِ المصِير) .
(يَتَمَطَى) .
الضمير يعود على أبي جهل، وذلكَ أنه كان يبختر في مشيته ويتعجّب من نسمته، ويرى انه أَفضل قومه، فردّ الله عليه بقوله: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى) أي مَنْ كانت هذه حاله كيف يتبختر، وكانت هذه المشية معروفة في بني مخزوم، وختم هذه الآية بقدرته تعالى على إحياء الموتى، لأن مِنْ لازم خَلْق الإنسان وتصويره على هذه الهيئة المشاهدة القدرةَ على إحياء الموتى من باب أولىَ.
(يَتِيما) :
قد قدمنا أن اليتيمَ مَنْ فقد أباه من الآدميين، وِمنَ الحيوان مَنْ
فقد أمَّه، وسَمَّى الله نبيه بقوله تعالى: (ألَم يَجِدْكَ يتيما فآوى) .