وسبب نزول السورة أنه كان بالمدينة رجل يقال لهْ أبو جُهينة له مكيالان.
يأخذ بالأوْفَى، ويعْطي بالأنقص، فالسورةُ على هذا مدنية.
وقيل: إنها مكية، لذكر أساطير الأولين.
وقيل نزل بعضها بمكة وأنزل أمْرُ التطفيف بالمدينة، إذ
كانوا أشد الناس فساداً في هذا المعنى فأصلحهم الله.
(مؤْصَدة) :
مغلقة مطبقة، يقال: أوصدت الباب إذا أغلقته.
وفيه لغتان الهمز وترك الهمز.
(ممَدَّدة) :
العَمَد: جمع عمود، وهو عند سيبويه اسم جمع
وقرئ بضمتين، والعمود هو المستطيل من حديد أو خشب، والممددة: الطويلة.
وفي المعنى قولان:
أحدهما: أنَّ أبواب جهنم أغلقت عليهم ثم مدّت على أبوابها عمد تشديدا في
الإغلاق والثقاف، كما تثقف أبواب البيوت بالعمد، وهو على هذا متعلق
بـ موصدة.
والآخر: أنهم موثقون مغللون في العمد، فالمجرور على هذا في موضع خبر
مبتدأ مضمر، تقديره هم موثقون في عُمُدٍ.
(منْفَكّين) : زائلين.
والمعنى أن جميع الكفار لم يكونوا منفكّين حتى تأتيهم البينة، وتقوم عليهم الحجة ببعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
ومعنى منفكين منفصلين.
ثم اختلف في هذا الانفصال على أربعة أقوال:
أحدها: أنَّ المعنى لم يكونوا منفصلين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة، لتقوم
عليهم الحجة.
الثاني: لم يكونوا منفصلين عن معرفة نبوءة نبيّنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى بعثه الله.
الثالث: اختاره ابن عطية، وهو: لم يكونوا منفصلين عن نظر الله وقُدْرته
حتى يبعث الله إليهم رسولاً يقيم عليهم الحجة.