والجهل والعناد أن يقولوا: ليس بكسف، وإنما هو سحاب مركوم، أي كثيف بعضه فوق بعض.
(سامِدُون) :
لاعبون ولاهون.
وقيل: غافلون.
والسامد: الساكت والحَزين الخاشع قَلْبه، فله على هذا خمسة معان.
[(سائحات) :]
من ساح في الأرض إذا ذهب فيها.
وقيل معناه صائمات، وقد روِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم.
وقيل معناه مهاجرات.
والسائحون من الأصناف الثمانية المذكورة في سورة براءة، هم الذين اختاروا الحقَّ على كل شيء وثبتوا على ذلك، وتواصوا بالحق، وتواصَوْا بالصبر، وهؤلاء يقال لهم الأبدال وأرباب الكمال، وهم سبعة رجال قد تبدَّلتْ عوالمهم وتخلَّصَتْ من الشوائب البشرية جواهِرُهم، فأخذوا بالسياحة في البُلْدان لطلب لقاءِ الرجال، إذ هي كبيعة الخير، وفي الباطن لنيل المقامات والأحوال الواردة من عين الجود بالجلال والكمال والجمال.
وأما الساجدون فهم الذين أقعدت رسومهم، وفَنيت بالمجاهدة نفوسهم وجسومُهم، وهم أرباب الفناء المتجردون عن كل المناقد، تخلّصوا من رقِّ البشرية لتحقّقهم أنه اللطيف الخبير السَّميع البصير.
عاشوا عيشاً تاما كاملاً، فإنَ ترك التدبير للَه عيش، كما أن التدبير نصفُ
العيش، ويقال لهذا الوجه الأوتاد، وهم أربعة رجال، مقام كلّ واحد مقام ركن من الأركان: شرقاً، وغرباً، وجنوبا، وشمالاً، واحداً يتصرف عندهم
لتجريدك عن الكون وثبوتك بالحق.
ومنه قول الشيخ القطب ابن العريف: مَن شهد الخلق للفِعْل لهم فقد فاز، ومن شهدهم لا حياةَ لهم فقد جاز، ومن شهدهم عين العدم فقد وصل، والكلامُ هنا طويل، وعلى هذه الآية الكريمة ُ بُنِي التصوف، وسبيل التعرف، وقد صنَّف فيها من ذاق أهلها وعرفهم تأليفاً عجيباً ورتّبهم ترتيبًا غريباً لا ينبغي لنا أنْ نحومَ حولَ حمَاه، ولا نتعرض لما قد تعاطاه، لأنا لسنا منهم فنستغفر اللَهَ من الكلام معهم، وكان الأولى بنا اشتغالنا عن هذا
بالانتباه مِنْ رَقْدةِ الغَفْلة، وتخليصنا من وَرْطة الفترة، وإيقاظنا من السّكرَة،